بالرغم من ابتعادى عن الوطن لفترة كل بضعة شهور لكن مهما غلبتنى شدة البرودة، وميكروب الأنفلونزا اللعين، لا يتركنى الفضول أبدا أن أنفصل عن الأمطار والضباب والعمل لأتابع ما يحدث بلهف، هل من جديد؟ بين أخبار القنوات العربية والدولية، أذهب لأى مكان يعرض قنوات عربية لأتابع أخبار القتل والتعذيب وحوادث الأطفال والقذف السورى ومعاناة الليبيين ووسقوط ضحايا من كل ناحية وصوب، والجرائم لن تنتهى، لست بصدد ولا أهتم بما يحدث فى المنطقة العربية فالصراع دائم والقتل واجب تحت مختلف الشعارات لحساب الساسة وأصحاب المصلحة من الدول الكبرى وأطراف الاتفاق الطفيلى الموضوع الشائك الذى يغزل مرحلة تاريخية هامة فى حياتنا الآن نحن المصريين (أكبر وأقدم دولة فى المنطقة) ومن الواضح أنه سيظل شائكاً إلى الأبد (الدستور).
أريد ان أسألكم.. نعم أنتم القراء بعض الأسئلة بعيداٌ عن دهاليز مشاكل العقول وصراعات النخبة.
هل تمثل لجنة وضع الدستور الشعب المصرى بكافة طوائفه مع الأخذ فى الاعتبار أن الفقراء والعمال والفلاحين والمرأة هم الغالبية العظمى من المجتمع؟
هل يمكن لمجلس 99% من أعضاءه رجال يمثل الشعب مع الإعتراف بكامل حقوق المرأة كإنسانة أولاً، ونصف المجتمع، ووقود ثورة يناير التى يعتبر هذا الدستور من أهم مكتسباتها؟
هل أغلب أعضاء اللجنة فى الدستور من التيارات التى تعترف بكرامة المواطنين جميعاَ، بدون تصنيف على أساس دينى أو عرقى أو طائفى أو طبقى ومساواتهم فى الحقوق والواجبات والكرامة وحق الحياة الكريمة؟
هل يتفق أعضاء اللجنة الموقرة على أن التظاهر حق مكتسب وليس هبة من أية حكومة حالية أو سابقة وتم دفع ثمنه دماء وأرواح وما اكتسب كحق بالدماء يهزأ بالقوانين الموضوعة لحماية مؤسسات بعينها فقط وليس مصلحة شعب مازال متوهجاً مشحوناً فى الشارع؟
هل يعلم أعضاء اللجنة الموقرة حتى لو نجح التصويت على الدستور وتم العمل به أن حيز المجاملات لجهات على حساب أخرى، وعلى حساب الثورة نفسها ونبذ طوائف بعينها لإرضاء اخرى وأهدار حق فئات معينة وعدم الإعتراف بفئة وخروجها نتيجة تصويت مشين ليس عادلا ستعمل هذه الأخطاء كخلايا سرطانية تهدد البنيان ويسقط الجسد فجأة؟
الدستور إن لم يقم على العدل والمساواة بين المواطنين جميعاَ بغض النظر عن الدين أو الجنس او الطبقة أو العرق فإنه سيكون كطفل وٌلد مشوها غير مكتمل النمو سيموت قريباً مهما تناول من محاليل وحضانات (ولا يستحق اسم دستور ولا يستحق اسم عقد اجتماعى ).
أسمع بعض الساسة يقولون إن العدالة شىء والتوافق بين القوى السياسية والاجتماعية شىء آخر لذلك تضيع حقوق النساء (نصف المجتمع) تحت اسم التوافق, العمال والفلاحون تحت اسم التوافق (تتسرب الديكتاتورية والعنصرية والطبقية إلى الدستور ).
حزب "النور" يتمسك برفض الكوتة وحذف مدنية الدولة فى الدستور الجديد لأن الكوتة ستأتى بمرأة وأقباط، والمدنية لا يفهمون عنها شيئاً غير بضعة أكاذيب رسختها مناهجهم أنها علمانية وكفر (الإسلاميون قفزوا للأسف على الثورة بدعم من رجال مبارك، ولكن أين كانت آفتهم؟ انهم لا يملكون العلم الكافى ولا المنطق ولا الإقناع ولا وضوح الرؤية وذلك لأنك لا تستطيع أن (تسير بجمل فى شوارع القاهرة لإنجاز عمل هام، أو نقل مريض يحتضر (سيموت)، أو قضاء حاجتك فى الخلاء، على خلفية السلف السابق، أبداَ لن تستطيع كسب الناس بالعنف والإكراه والتهديد والبطش وليس هذا اسلام هذا جهل مركب يؤدى إلى إرهاب، الدولة المدنية لا تقوم إلا على دستور مدنى أرض مصر كانت مهد لكل الأديان والطوائف لم يختصها الله بدين معين، مصر كانت مهد حضارات كثيرة زرعت بها وأى تغيير أو محاولة لف عن التكوين ستبتلعه الأرض هذا قانون كونى لا يتحكم فيه بشر أو خمسين أو ألف فرد حتى المادة الثانية برغم وجودها فى الدستور لا ترضى حزب النور ولا تشفى غليله أى دين آخر (كفر)، وأى شىء يمس المرأة هذا الكائن المهمش العار الحرام فى عرف البعض ضد الشرع وضد الحياة ويجب تغطيته حسياَ ومعنوياَ والتخلص منه فورا وإعلان النفير !
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة