أنا لا أحترف فن «وشوشة الودع»، ولا قراءة ورق الكوتشينة، وبناء عليه لا أعرف بأى عين تنظر أنت لما حدث أمام مجلس الشورى، ثم اكتملت صورته فى القاهرة الجديدة بتصرفات قبيحة وغير مقبولة مع بنات مصر.
فى المقابل، أنا أحترف التعبير عن رأيى دون الخضوع لكل الشعارات المطاطة التى ترفعها الدولة الآن، بداية من هيبة الدولة، والحفاظ على الأمن القومى، ومرورا بـ«يرضيكم اللى بيحصل فى البلد؟»، وانتهاء بالشعار الأشهر «مش وقته» البلد تعيش حالة فوضى.. الحق أحق أن يتبع ولو كان المقابل السير فوق سكين حاد يعلو الرقبة. وأول الكلام عن حدوتة فض مظاهرة مجلس الشورى لابد أن يتضمن كثيرا من السخرية والاستنكار من أهل السلطة ورجال الداخلية فى الإعلام والأحزاب والحركات السياسية، لأن عيونهم أصابها «الحول» بدرجة جعلتهم لا يرون فيما حدث أمام مجلس الشورى من تظاهر وفض لهذا التظاهر سوى جزء من مؤامرة يقودها الطابور الخامس لخدمة الإخوان المسلمين، وإذا كان الحول البصرى من نصيب السلطة، فإن العمى المؤقت كان من نصيب جماعة الإخوان التى لم ير شبابها وقادتها فيما حدث بمظاهرة مجلس الشورى سوى تمثيلية صنعها النظام بمشاركة النشطاء للتغطية على مظاهرات الإخوان، ومن واقع رؤية السلطة ورجالها ورؤية الإخوان وشبابهم للتظاهرة وطريقة فضها يمكن ببساطة اكتشاف حقيقة تقول: الطرف الأول شرير يهوى إلقاء التهم دون سند، والثانى متآمر وأهبل، ويظن أن الكل مثله غارقون فى بحر الهبل والمؤامرة.
(2)
هل يمكن أن نضع أساسًا متينًا ننطلق منه لأى حديث عن فضيحة الداخلية الجديدة أمام مجلس الشورى والتى انتهت بمشهد ضرب البنات وإلقائهن فى صحراء التجمع الخامس ليلاً؟
الأساس الذى أريدك أن تشاركنى فيه ملخصه: الإقرار بأن وجود قانون للتظاهر فى مصر من الضرورات، ولكن القانون تم إقراره دون الإنصات للحوار المجتمعى، وبه عيوب تستحق أن تتوقف الدولة أمامها، والثقة فى الطرف المنوط به تطبيق القانون غير موجودة، وكل ماحدث أمام مجلس الشورى من تظاهر وفض للتظاهر كان ضروريا فى تلك المرحلة الحرجة التى علت فيها راية «المطبلاتية» فوق راية الثورة والحق حتى نخرج بهذه النتائج التى تبدو جيدة:
1 - الداخلية تستعجل عودة بسط النفوذ وإخضاع الشارع وتسرعها أدى إلى فشلها فى تطبيق القانون ومخالفة مواده، بدليل أن عناصر بزى مدنى شاركت فى عملية القبض على المتظاهرين، وأساءت معاملة المعتقلين من البنات والبنين، رغم أنه لا يوجد نص فى القانون يقول بإلقاء البنات فى الصحارى أو شدهن من شعورهن أو توجيه السباب لهن.
2 - الداخلية والسلطة الحالية والسلطة القادمة فهمت جيدًا أن زمن القوانين الفوقية التى لا تحظى برضا شعبى ولا تخرج من بطن حوار مجتمعى قد انتهى وأن القوة للشارع حتى ولو كان من فى الشارع 50 متظاهرا.
3 - كل من ضبطوا الإيقاع لخدمة النظام الحالى أصابتهم ريح غباء الأمن وسذاجة الطريقة التى تم التعامل بها مع مظاهرة صغيرة الحجم بصدمة أوقفت خلايا التطبيل بداخلهم.
(3)
أنت تريد منى الإجابة عن السؤال الأهم: هل أخطأ النشطاء لأنهم خالفوا القانون وتظاهروا دون إخطار؟
أخطأوا ولا قبل ذلك قول أو بعده، ولكن تذكر أنه ليس من حقك ولا من حق وزارة الداخلية تصحيح هذا الخطأ سوى بالقانون، والقانون لا يقول أبدا بالتعجل فى استخدام المياه والشتائم لفض مظاهرة، لا قانون التظاهر ولا قانون الرجولة يمنح الداخلية الحق فى شد النساء من شعورهن، والاعتداء اللفظى على البنات فى الأقسام وترحليهن لأماكن غير معلومة ثم إلقائهن فى الصحارى ليلا، لا قانون التظاهر ولا قوانين الذكاء تقول بأن نطمئن لطريقة الداخلية والحكومة الحالية فى إدارة الأزمة، لأن أى عقل واع متفهم للظرف السياسى المحيط كان يمكنه أن يخرج من مشهد التعامل مع مظاهرة صغيرة الحجم بهذا الشكل بنتائج أكثر جودة مما فعلته الداخلية المتعجلة والمشتاقة لعودة زمن السيطرة وخضوع الأفراد فى الشوارع..
الملخص:
إن لم تغضب من أجل المتظاهرين والبنات، فاغضب لأن مستوى أداء الأجهزة الأمنية لم يتخط بعد مرحلة المراهقة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة