الانبا ارميا

عن الحيــــاة "2" "الهدف"

الخميس، 28 نوفمبر 2013 06:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقولون: "إن أعظم فرق بين الناس هو أن بعضهم يستفيد من الـ24 ساعة" وهنا أتساءل: ما الذى يجعل إنسانًا يسعى للاستفادة من اليوم الذى يحياه، وفى المقابل هناك من يحاول قضاء هٰذا اليوم لكى يعبر إلى آخر جديد فى أيام متشابهة متشابكة تسعى نحو نهاية الطريق؟!

وأيضًا قالوا: "حين ما يستيقظ كل إنسان فى الصباح، يجد أمامه خِياران، إمّا أن يستمر فى النوم ويحلُم، وإمّا أن يستيقظ ويحقق الحُلم" ويتوقف اختيار الإنسان على حسب ذٰلك "الهدف" الذى رسمه ووضعه نُصْب عينيه؛ فما يميز إنسانًا عن آخر هو "الهدف" الذى وضعه أحدهم على مرمى بصره، على حين ينساه الآخر ويسير فى رحلة الحياة حسب ما توجهه رياحها!

وهدف الإنسان لحياته يَُكسِبها أجَلّ المعانى، وعلى النقيض فقدان الهدف؛ فإنه يُفقد الحياة كل معانيها قيل: "من السهل أن يحترمك الناس، ولٰكن من الصعب أن تحترم نفسك "نعم، فمن السهل أن تلقى الاحترام ممن حولك: لما تملِكه من ثروة، أو من مكانة اجتماعية أو ثقافية، أو من أجل سلطة لديك، وفى الوقت نفسه ينبَُِع احترامك لذاتك من ذٰلك الهدف الموسوم فى ضميرك، وتسعى لإدراكه وتحقيقه فى رحلة عمرك، وهذا هو الصعب، ولٰكنْ حينئذ ستتوقف أمام نفسك حاملًا تجاهها كل الاحترام؛ إذ صار لها معنًى.


فى يوم ما تحدَّى الظلامُ الجميع أنه يستطيع التحكم فى مصائر البشر، فألقى بستاره على طريق حياتهم وعندما حاولوا الفِرار لم يستطيعوا؛ إذ كان يَلُفّهم من كل جهة إلى أن وجدوه يفِر أمام ضوء شمعة صغيرة كان يحملها أحد مرتادى طريق الحياة، فإن كان كل ظلام الكون لا يستطيع أن يُخفى ضوء شمعة مضيئة، فإن من يضع هدفًا لحياته ساعيًا نحوه لن يضل الطريق؛ فهو شمعة طريقه.


ومن أعظم مزايا وضع الإنسان هدفًا لحياته هو أن هدفه سيساعده ويؤازره ويقويه لكى يبدأ من جديد فى كل مرة يتعرض فيها للإحباط أو الفشل، بل إنه سيتشدد بما يحمله من قوة فى أعماقه نابعة من رؤية هدفه وهو يرافقه الطريق، فيقف مرة ويسير أخرى؛ وهٰكذا يُكمِل دربه مهما صادفه من عقبات. ومن أجمل ما قيل: "إن العوائق هى مجرد أشياء يراها الشخص عندما يُبعد عينيه عن هدفه".


بالهدف يُقاس حجم إنجازات الإنسان، فسعيك نحو ما تريد تحقيقه يُقاس بما قدمته ولايزال أمامك لتكمله ولا تكُن مثل هؤلاء الذين يتوقفون سريعًا فى مسيرتهم لأنهم ينظرون إلى ما تبقى لهم من مسافة للوصول؛ بدلًا من أن ينظروا إلى ما حققوه بالفعل من خَُطوات فى الطريق نحو الهدف.


إن أحد أعظم أسرار الحياة يكمُن فى وجود هدف فى حياة الإنسان يسعى نحوه، فيُبطء فى المسير فى بعض الأحيان، ويُسرع بالخُطى فى أحيان أخرى، ويتعثر ويسقط ثم يقوم، إلا أنه ما زال يحيا ويتقدم فى طريق الحياة وعن الحياة سنبحر معًا و.

* الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة