المفارقة فى خناقة عدم إذاعة الحلقة الثانية من برنامج «البرنامج» مساء الجمعة الماضية أن مقدمه باسم يوسف ترك مصر إلى الإمارات للمشاركة فى سباق الفورمولا للسيارات المقام فى العاصمة أبوظبى. ترك الحرب المشتعلة بين النشطاء والسياسيين والإعلاميين على الفيس بوك وتويتر وفى وسائل الإعلام حول أسباب منع «البرنامج» وتبادل الاتهامات جزافاً بين الرافضين للمنع وبين المرحبين والمهللين والذين اعتبروا قرار إدارة قناة السى بى سى وصاحبها رجل الأعمال محمد الأمين «انتصاراً عظيماً وفتحاً مبيناً»، بينما رآه الرافضون انتكاسة للإعلام ونكسة لحرية الرأى والتعبير «ولا نكسة 76». وحتى كتابة هذه السطور لم يصدر عن باسم يوسف أى توضيح لأسباب منع إذاعة الحلقة الثانية من «البرنامج» حتى لا تأخذ مسألة المنع أبعاداً تتجاوز الخلافات الإدارية بين منتجى البرنامج وإدارة القناة إلى توريط الدولة بمؤسساتها السيادية وتحويل قرار المنع إلى معركة مزايدات مصطنعة وبكاء على حريات ضائعة وممارسة ضغوط من «جهات عليا» ضد «البرنامج» لأنه أصبح «أيقونة» الحرية فى مصر وقائد فيلق الدفاع عن مواثيق ومعاهدات الحفاظ على ممارسة الحق فى التعبير فى العالم أجمع. أو تأييد للمنع «انتصاراً للمبادئ والقيم ضد الإسفاف والابتذال». القرار غير المدروس سياسياً وإدارياً أدخلنا فى معركة «تافهة» وأحدث شروخاً وانقسامات مؤذية فى المجتمع فى وقت غير مناسب على الإطلاق، وفى ظروف أمنية وسياسية غاية فى الصعوبة. ولا بد من تدارك الأزمة قبل استفحال الأمر إلى قضية مجتمعية وسياسية لمجرد منع إذاعة حلقة برنامج ساخر فيما لا يفيد الوطن وأبناءه فى هذا التوقيت، ويشغل الناس عن القضايا الملحة والعاجلة لعبور نفق الأزمات الحالية. القرار الذى كان ينقصه الحكمة ربما يحول القضية إلى قضية رأى عام عالمى يصب فى مصلحة الجماعات والدول التى تنتظر أى سقطة أو زلة للحكومة والإدارة السياسية الحالية للبلاد.
إذاعة برنامج مهما بلغت درجة السخرية لا يمكن أن تؤثر فى نظام حكم فى مرحلة انتقالية ويحكم باسم ثورة تنادى بالحرية والعدالة الاجتماعية، ولم تبلغ به الجرأة و«الحماقة» لتوريط نفسه فى مسألة منع أو إذاعة برنامج، فليس على رأس أحد «بطحة» يتحسسها للتخوف والارتعاد من مجرد برنامج مهما بلغت شعبيته وانتشاره.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة