من شاهد جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، فى المؤتمر الصحفى خلال زيارته القصيرة لمصر يوم الأحد وتصريحاته «الحميمية والودية للغاية من مصر والمصريين»، توقع أن تتدحرج الدموع من عيونه حبا وعشقا وهياما فى مصر والمصريين، ويصدح بصوته عاليا «يا حبيبتى يا مصر يا مصر» رافعا صورة الفريق السيسى تعبيرا عن تأييده المطلق والأكيد لثورة 30 يونيو. قدم كيرى فى أول زيارة له لمصر بعد يونيو فروض الاعتذار عما بدر منه فى حق الشعب المصرى وثورته التى اعتبرها كيرى ورئيسه مجرد انتفاضة و«انقلاب».
بعيدا عن كلمات الحب والاعتذار وآيات العشق الزائف، وتصريحاته عن أهمية مصر وتاريخها وحق شعبها فى تقرير مصيره ودعم واشنطن لخارطة الطريق، وأن أوباما مع الشعب وطموحاته فى الحرية والديمقراطية، وأن العلاقات استراتيجية وحيوية بين القاهرة وواشنطن، كان اللافت تجاهل كيرى تماما الحديث عن الإخوان ومرسى، واكتفى فقط بالحديث عن المحاكمة العادلة، والأكثر أن وزير الخارجية الأمريكى تجاهل اللقاء مع رموز جماعة الإخوان الباقية خارج السجن، واكتفى فقط بلقاء ممثلين عن المجتمع المدنى فى لقاء قصير وسريع لم يستغرق أكثر من ربع الساعة، التجاهل كان رسالة واضحة للجماعة التى لا تتعلم وتنسى وتجهل التاريخ، فقد توقف «غرام الأفاعى» بين الإخوان والإدارة الأمريكية ولو مرحليا فى هذه الظروف الاستثنائية، وبدا واضحا أن المصالح الاستراتيجية هى الأبقى الآن لواشنطن من علاقتها مع الإخوان التى تمتد لسنوات الخمسينيات، ربما لن تنتهى تماما العلاقات الأمريكية الإخوانية ولكن- كما يقال- للضرورة وللمصالح الأمريكية أحكام، فواشنطن أدركت أنها الخاسرة من الاستمرار فى الموقف المعادى لمصر بعد 30 يونيو، وأن المراهنة على الإخوان للنهاية ربما يفقدها نفوذها ومصالحها فى المنطقة، فالروس جاهزون والرغبة العربية المصرية واضحة فى تعديل مسار العلاقات الخارجية المعوج منذ السبعينيات، وإحداث التوازن فى السياسة الدبلوماسية وفى تنويع مصادر التسليح.
كيرى لم يأت من أجل عيون مرسى وإخوانه، كما أكد مسؤول أمريكى، فالزيارة جاءت بالمصادفة مع المحاكمة، بل جاء لوقف نزيف الخسائر الأمريكية المستمرة من إعلان تجميد المساعدات لمصر والتقارب الروسى الذى يشهد تطورًا ملحوظًا، ومع ذلك الإخوان لا يفهمون ولا يتعلمون ولا يستوعبون تقلبات المصالح.