هناك حالة كراهية مزمنة من الإخوان للقضاء المصرى، ولكل ما يمثل العدالة فى مصر. لم يُهن القضاء، ولم يشكك أحد فى أحكامه وقراراته، ولم تحاصر دار أو ساحة عدالة فى أى عهد سياسى إلا فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى وجماعته رغم قصر مدته. حاول الإخوان من منطلق كراهيتهم لأحد أهم أركان الدولة المدنية المصرية هدم القضاء، والدخول فى مواجهة سافرة مع القضاة، ومحاولة «أخونة» القضاء بكل مؤسساته وهيئاته، وتربصوا به لتخليص ثارات قديمة لم يتخلصوا منها منذ نشأة الجماعة، وصداماتها المتوالية مع السلطة فى مصر منذ الأربعينيات وحتى الآن، والتى كانت نتيجتها دائمًا المثول أمام القضاء بأنواعه، والحكم عليهم بما يستحقونه، والدخول إلى غياهب السجون التى تحولت إلى مقر وسكن دائم لهم.
من هنا جاءت عقدة الكراهية لدى الإخوان للقضاء، لأنه حائط الصد أمام مخططاتهم وجرائمهم ضد الشعب والوطن طوال تاريخهم الملىء بالعنف والإرهاب، والمعمد بدم الأبرياء من المصريين. تجلت العقدة فى أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول، فلم يراع مرسى أنه فى محراب العدالة، وحاول بحركات تمثيلية سخيفة وهذيان شخص لم يمنحه الله من العقل شيئًا النيل من قداسة المنصة الجالسة، ومن هيبة القضاء، ولوّح بتهديدات فارغة، وتحصن وراء أوهامه وهياجه وصراخه الأجوف، مرددًا: «أنا الرئيس الشرعى» أكثر من عشر مرات. جماعته القابعة خلف القضبان التى لم تلبث خارجه سوى سنوات قليلة أدارت ظهورها فى مشهد قبيح للقضاة، وهاجت وماجت لإفساد الجلسة والمحاكمة وفقا للمخطط المتفق عليه، لكنها – كالعادة - أخفقت، لأنها جماعة فاشلة فى كل شىء إلا فى الإرهاب والعنف.
كراهية القضاء دفعت الجماعة وأنصارها فى الداخل والخارج إلى التخطيط لإفساد محاكمة المخلوع، لأن دخول القفص من جديد معناه أن هذا التنظيم الإرهابى انتهى وأنهار على جدران القضاء المصرى الشامخ، وبأيدى الرئيس «الاستبن» الذى قضى بغبائه السياسى، وغباء جماعته على حلم استمر أكثر من ثمانين عاما. الجماعة التى حاولت لحظة صعود مرسى إلى رئاسة مصر تفكيك القضاء المصرى العريق وكسره وتركيعه وأخونته تحتضر الآن، وتذهب مع ريح الشر وعاصفة الغضب، وبقى القضاء حصنًا منيعًا شامخًا مدافعًا عن حرية الوطن واستقلاله ضد تتار واستعمار الخارج والداخل.