اركن الملف السياسى ومشاكله على أقرب رف بجوارك.. وتعال نقرأ معا كيف يتحول البشر إلى وحوش.. اقرأ ياسيدى
المشهد الأول:
أنا مدرس لغة انجليزية، من كام سنة، طلبت أسرة تحديد حصة أسبوعية لابنتهم فى الصف الثانى الإعدادى «درس خصوصى يعنى»، وفى الحصة الأولى اكتشفت أن مستوى البنت ضعيف جدا.. وتفتقد القدرة على الاستيعاب، لا تعرف الكثير من كلمات اللغة الإنجليزية، قلت عنها: البنت دى غبية قوى...
ثم اكتشفت أنها لا تجيد نطق الحروف بل وتنطقها ببطء شديد، وقتها قلت: دى حمارة مبتعرفش حتى تنطق الكلمات صح ولا بتعرف تقرأ، ثم جاء موعد الحصة الثانية لأكتشف خلالها المزيد من تفاصيل ضعفها والتى دفعتنى لأن أقول لها ضاحكا: واضح إنك متخلفة على فكرة.. قلتها ولم أجد من البنت سوى ضحكة مماثلة لضحكتى بلا غضب ولا خجل..
المشهد الثانى:
أثناء الحصة والمحاولات الصعبة لرفع إدراك الفتاة الضعيفة، والخروج من صدمة أن البنت لا تحفظ الكلمات ولا تجيد حل الواجبات، دخلت الأم علينا ودار الحوار التالى:
- الأم: مينفعش كدا حضرتك دى مش عارفة تحفظ ولا تذاكر، البنت دى مابتجيش إلا بالضرب.. أنا عارفاها...
- أنا: بضربها فعلاً، بس هيا ضعيفة جداً.... فى الكتابة وفى القراءة ومعتقدش إن الضرب هيجيب نتيجة... أنا المفروض أبدأ معاها بمستوى أقل من كدا
- الأم: لأ طبعاً، حضرتك بس هددها واضربها وهتشوف النتيجة!!
انتهى الحوار وانتصرت إغراءات الأم باللجوء إلى الشدة على المبادئ التعليمية، وقمت بتعنيف البنت فى آخر الحصة، وهددتها بعقاب شديد فى الحصة اللى بعدها، لدرجة إن البنت دموعها نزلت، وأنا لبست الوش الخشب وقمت مشيت!!!
المشهد الثالث::
فى منتصف الحصة الجديدة دخل علينا والد البنت التلميذة ودار الحوار التالى بهدوء واحترام يختلف تماما عن الزوجة:
- الأب: ياريت حضرتك متضغطش على البنت بشكل قاسى يعنى
- أنا: حضرتك أنا مبحبش العنف بس والدتها دخلت الحصة اللى فاتت، و...
- الأب «مقاطعا»: بص، البنت عندها أصلاً إعاقة ذهنية..........
(أنا حسيت إنى انضربت بشاكوش على دماغى، النظرة الذاهلة والعينان الجاحظتان والتسهيم المستمر.... وتضاعفت الصدمة حينما تذكرت ضحكتها وأنا بقولها «واضح إنك متخلفة»!!)
المشهد الرابع:
..وبعد حصتين، دخلت لى أم البنت ودار ماهو آت من كلام:
- الأم: إيه الأخبار يا أستاذ؟
- أنا: لأ، فى تقدم.... الحمد لله
الست فتحت الكراسة، لقت الحروف كابيتل وسمول ثم قالت: حضرتك بتديها الحروف كابيتل وسمول، بنتى فى 2 إعدادى، عندها منهج وشغل.. كدا مش هينفع!!
- أنا موجها للحديث للبنت: قومى يا بنتى هاتيلى كوباية مية ساقعة
وبعد مالبنت قامت قلت للأم: بصى حضرتك، أنا مش فاهم فى إيه بالضبط، بس «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها».. بنتك ضعيفة جداً، وأنا مش مصدق أصلاً إنها تكون فى مستوى 2 إعدادى.. دى مستواها فى التعامل نفسه مش أكتر من تانية حضانة!
- الأم: إزاى يعنى؟!
- أنا: مفيش ولا عربى ولا إنجليزى... مفيش قراية.. مفيش ومفيش.... إذا كنتى حضرتك مستنية منها حاجة، لازم الأول تحددى هيا تقدر تعمل إيه!
رحلت الأم بشكل ظهر معه أن الكلام لم يأت على هواها، وكانت النتيجة تلقى اتصال هاتفى من والد الفتاة يعتذر عن استكمال الدرس!!!!
النهاية:
المشكلة كانت كيبرة قوى، مابين أم مش قادرة تصدق إن بنتها تعانى من إعاقة ذهنية وعاجزة عن تحقيق شهادة دراسية حقيقية، وأب فشل فى التصدى لرغبة الأم فى التعامل مع البنت بالعنف، وتدفع المدرسين والأهل والأصدقاء إلى ضرب البنت والسخرية منها وتعنيفها، والبنت طبعا لا حول لها ولا قوة.. لا حيلة ولا صوت تدافع به عن نفسها..
القصة السابقة لا علاقة لها بالخيال، تفاصيلها واقعية عاشها صديق يعمل بالتدريس فى المنصورة اسمه محمد المحلاوى، كتبها ليسأل نفسه ويسألنا جميعا من قال لكم إن الحيوانات المفترسة موطنها الأصلى الغابة أو قفص فى حديقة الحيوانات؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة