يتخيل مرسى أنه «ناصح» وأنه «واد فتك» يمكن أن «يأكل بعقل الشعب حلاوة» بكلمتين، ويظن مرضى الجماعة ومجاذيبها أنهم من الممكن أن يستغلوا الإطاحة بهم لاكتساب شعبية جديدة عوضا عن تلك التى انتهكت عبر العديد من الممارسات السادية القذرة التى ارتكبتها الجماعة أثناء حكمها، ولهذا يجتهد حكماؤها وكهنتها فى خلق صورة مزيفة لكاذبهم الكذوب محمد مرسى الذى لم يتكلم إلا زورا ولم يفعل إلا عارا، منذ أن أعلن أن الجماعة لن ترشح أحدا للرئاسة ثم إعلانه أنه عمل بوكالة الفضاء الأمريكية ناسا ثم إعلانه أنه «رئيس كل المصريين» ثم إعلانه أنه لن يطرح الدستور للاستفتاء إلا بعد أن يتوافق حوله المجتمع كله، إلى آخر أكاذيبه هو وجماعته التى كان آخرها الافتراء على الله ورسوله بادعاء أن مرسى كان إماما لإمام الأنبياء فى إحدى أضغاث أحلام مشايخ الفتنة والإرهاب، ناسياً أن الأكاذيب لا تعمر، وأنهم فشلة حتى فى التمثيل.
الإصرار على الكذب جعل أكاذيب الجماعة أكثر من مجرد مرض، وأدخله فى باب «العبط» وإن شئت الدقة فهذا «العبط» فى الحقيقة «استعباط»، ولو كان المفكر العربى الشهير «عبدالرحمن الكواكبى» مازال حيا فإنه كان سيلحق بكتابه الشهير «طبائع الاستبداد» كتاباً آخر بعنوان «طبائع الاستعباط» ليدون فيه حجج الجماعة واستعباطها على شعب مصر بشكل علمى منهجى ليخرج بعد ذلك بنتيجة مفادها أن الاستبداد سرعان ما ينقلب إلى «استعباط» حينما تتم محاصرته، وانظر إلى تلك الكلمات التى قالتها زوجة المعزول محمد مرسى عبر قناة الجماعة الملاكى «الجزيرة» بعد زيارتها للمحروس فى سجن برج العرب، إذ قالت «الحاجة أم أحمد» كما تحب أن يسميها الناس إن مرسى بخير وإن أول سؤال وجهه إليها زوجها هو السؤال عن الشعب فقال لها ما نصه «الشعب عامل إيه والأسعار عاملة إيه؟» ثم هلت علينا الست أم أحمد لتبث أشواق المهزول إلى الشعب، وكأنه رب أسرة يسأل عن أسرته، لتبنى بتلك الرواية الزائفة صورة أكثر زيفا، عن رئيس لم ير مانعا فى يوم من الأيام من التضحية بكام مليون عشان الباقى يعيش.
ولأن الاستعباط وصل إلى مداه، فقد تناقلت صفحات الفيس بوك الإخوانية هذا التسجيل المصور للجزيرة وكأنها تبث أخبار النصر، وكأن الشعب كان يحيا فى ظلم حكمهم الظلوم فى جنات ونعيم، ثم انتقل «يا حرام» إلى خانة الضياع بمجرد الإطاحة بالرئيس المبلول، وتماشيا مع هذا الاستعباط أريد أن أقول لمرسى وزوجته إن الشعب بحال أفضل ألف مرة مما كان عليه وقت حكمك، على الأقل، يشعر الجميع أن الجواسيس والعملاء والخونة ذهبوا إلى مكانهم الطبيعى وهو «السجن» بعد أن كانوا فى الحكم، وعلى الأقل هناك دستور يكتب تم النص فيه على مضاعفة الميزانية المخصصة لوزارتى الصحة والبحث العلمى بأضعاف ما كان عليه فى أيامكم الغابرة، وأن الشعب أصبح يعرف تماما من هو الكاذب يا مرسى ومن هو الصادق، وأنه استعاد ثقته فى مؤسساته التى اجتهدت أنت وجماعتك فى تدميرها، وأن الشعب صابر برغم أخطاء الحكومة لأنه يضمن أنها حكومة تتوافر فيها «الحد الأدنى» من الوطنية، وذلك خلافا لما كانت عليه حكومتكم البالية، أما أكبر نعمة منّ الله علينا بها هى أن أزاح وجهك من أمامنا وكفى بهذه نعمة.