علا عمر

افتقدنا زعيماً

الأربعاء، 11 ديسمبر 2013 08:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتبت منذ سنتين فى إحدى الصحف مقالا يتحدث عن العنصرية والتمييز، لم يكن هذا المقال عن زعيم بعينه، ولكن كان نتيجة انتشار الجريمة والأطفال مجهولى النسب، وكثرة مثيرى الفتنة، وحرائق الكنائس، وتدمير المنشأت، وصنع خلافات من لاشىء بين مسلمى الدولة ومسيحيها مع اعترافى الكامل بالأديان الاخرى والطوائف التى تجمعها أرض الكنانة، كان المقال يتحدث عن فرز البشر، ودموية الحكماء، واللاهثين وراء السلطة والاضواء على جثث المجهولين وكمية المجازر الجماعية التى كانت تكشف بمحض الصدفة فى ليبيا والعراق ومازالت فى سوريا والقليل يعرفه الإعلام، كتبت عن زعماء حاربوا العنصرية وحاربوا انتشار الجريمة والتفرقة وبشاعة تجزئة الوطن لأنهم عاصروا التجارب المريرة، حاربوا مروجى الحروب الأهلية، حاربوا انقسام المجتمعات إلى طبقات متناحرة والفرز على أساس الدين أو العرق أو الجنس حاربوا بيع الأعراض وسرقة الضمائر حاربوا فصل وعزل الأوطان زعماء يستحقون لفظ الزعامة، وكالمعتاد الأخيار لا يعيشون طويلاُ وتغتالهم يد الشر يترصدهم دائماُ لأنهم يحرقوه وأقوى منهم.. هذا المقال كان باسم (مابين أسنان المشط والبطة السوداء) استوحيت اسمه من الحديث الشريف (كلكم سواسية كأسنان المشط، ومن قهر لفظ البطة السوداء التى بالرغم من سوادها لم ترحم من السكين) سبارتاكوس، ومارتر لوثر كينج والعظيم مانديلا دفعوا من دمائهم ودفع مانديلا 27 عاماً من عمره فى سجون العبيد (نيلسون مانديلا) غنى عن التعريف ولا يحتاج إلى سرد تاريخه لا تكفى السطور ولا عدد الكلمات المسموح لى بهم، لمن سمع الاسم أو تكرر فى أذنه أكيد هو أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا منذ سنة 1994 ولمدة خمس سنوات متتالية كفاحه ونضاله ضد العنصرية والاضطهاد وقتل الإنسانية فى الإنسان يسرد فى تواريخ وقصص وبالمناسبة نيلسون مانديلا لم يسال أحد عن ديانته وهذا غريب، واساه وحزن لفقدانه حتى حارقى الكنائس وموزعى الفتنة والبعض فى الدول المظلمة التى تسضيف الإرهابيين يروه كافر شارك فى حروب إبادة دائما لا ترى الخفافيش غير الظلام.

لفت انتباهى جزءا مهما فى جريدة الإندبندنت أثناء متابعتى مراسم وأخبار وفاته ومقولات مشاهير العالم عنه لكن ماقاله شخص عادى مازال على قيد الحياة وقدر له الحظ أن يسكن مع مانديلا يوماٌ جدير بالذكر ولا يهمنى روايات المشاهير عن جلساتهم مع مانديلا فى القصور الفخمة (التى لم يحلم يوماُ أن يمر من أمامها كما قال (كنت أنا أفقط احترم كونى أسود) ما قال فى عام 1974 سجناء فى سجن (جزيرة روبن) أصيبوا بفيروس الإنفلونزا المزمن 25 فى نفس الجزء من السجن ماعدا (مانديلا و3 آخرين) من سجناء وافدين جدد لم تنقل لهم العدوى، ومازالوا بصحة، كان مانديلا كل صباح هو والثلاثة زملاء يتنقل من زنزانة إلى زنزانة يجمع ويغسل أوعية البول ويضعها فى الشمس، وساعد أيضاُ فى توزيع الطعام والماء على كل زنزانة، قال الراوى لأنهم عزلوا الموبوئين لجأ السجناء إلى سلاحهم وهو الإضراب عن الطعام، كانت سياسة حزب المؤتمر الوطنى عزل السجناء، وأيضاُ إعفاء كبار السن، والمرضى قبل المدة، رفض مانديلأ، وأصر على البقاء معنا فى الخنادق والتى اعتبر أنها مكانه الصحيح .. هذا كفيل وكاف وهذا موقف واحد بسيط من الممكن أن يراه بعض الحقراء إهانة للزعامة والمقامات ولكنه إهانة للحقارة المتأصلة نفسها فيهم قال مانديلا (السعادة لا يمكن أن تكون بالمال والقوة والسلطة بل فى ماذا نفعل بالمال والقوة والسلطة) رحل نيلسون مانديلا( رسول الرحمة) فى صمت ونحن فى عصر الصراخ ومدينتا اليوم اسمها (مدينة الصراخ) كل العلاقات المتشعبة القريبة والبعيدية أصبحت صراخ علاقات المجتمع بكل مؤسساته بوزارته بهيئاته بجامعاته بقنواته بشبابه بشيوخه بعواجيزه بعقلائه ببلاهائه صراخ صراخ، علاقات الدول فيما بينها صراخ سياسى وصراع وتصارح وحوش فى البارية، والنتيجة القتل عنوان.. كل يوم قتيل وقتلى.. لم تعد تبهرنى الأحداث ولا عربات ومدرعات تجرى كأنها فى سبق مع عزرائيل، ولا صوت الخرطوش انظروا إلى حصاد اليوم من القتلى وإذا مر بدون حصاد غريبةً!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة