الاعتصام المشروع الذى بدأ فى مسرح ميامى أول أمس، لا يخص فريق عمل مسرحية ميراث الريح فقط، ولكنه صرخة صادقة فى وجه خيال مهترئ يدير الثقافة فى مصر، المسرحية تتناول محاكمة مدرس أمريكى فى القرن التاسع عشر تجرأ ودرس نظرية داروين وجاليليو وكوبرنيكوس لطلابه، وكان المدعى العام فيها نائب الرئيس الأمريكى شخصيا آنذاك.
بدأت بروفاتها منذ عام ونصف، ويقوم ببطولتها الفنان الكبير أحمد فؤاد سليم وشباب المسرح القومى، وتقدم المسرحية على ما أعتقد لأول مرة فى مصر، فتوح أحمد رئيس البيت الفنى للمسرح قام بتأجيل الافتتاح أربع مرات، ورغم اعتماد الميزانية، أوقف صرف الشيكات المستحقة، لماذا؟، لأن محمد رمضان يريد أن يقدم «رئيس جمهورية نفسى» على مسرح الدولة، ومأخوذة عن ماذا؟ عن مسرحية الدخان لميخائيل رومان المسرحى العظيم الذى تجاهلت الدولة أعماله طوال ثلاثين عاماً لأنها تناقش قضايا موجعة، وزارة الثقافة تفرش السجادة تحت قدمى أحد نجوم السبكى لتكريس صورة وحيدة للمتمرد هى صورة البلطجى، كيف سيكون حال حمدى «كل أبطال ميخائيل رومان يحملون الاسم نفسه باستثناء جيفارا لأنه جيفارا» على يد رمضان؟ فتوح أحمد يعتقد أنه شاطر لأنه سيأتى بجماهير سينما السبكى إلى المسرح، ليقال إن ازدهارا حدث للمسرح على يديه.
هو لا يعرف أن عرض ميراث الريح فى هذا التوقيت هو انتصار لثورة المصريين ضد الفاشية الدينية، وأنه رئيس لبيت كان فى يوم من الأيام عامرا، وصار بفضل الجهود المخلصة لوزير الثقافة وموظفيه خرابة، قد يخيب عرض رمضان ظنى وقد يفشل العرض المحاصر، ولكن لابد من وجود معايير «غير سوقية»، احتراما للجمهور وللتقاليد التى تؤكد أحقية الدويرى فى العرض أولا، وأتمنى ألا يكون سبب تأجيل المسرحية التى كتبها جيروم لورنس وروبرت لى.. هو موضوعها.