بدا اختيار الدكتور حازم الببلاوى رئيسا للوزراء بعد ثورة الثلاثين من يونيو، رسالة طمأنة للرأسمالية العالمية، حتى لا يقال إن ثورة يوليو تطل برأسها من جديد، ووجد الرجل ذائع الصيت فى محافل الاقتصاد الحر، نفسه أمام معضلة لم يدرسها لتلاميذه من قبل، هى كيف تعبر المرحلة الانتقالية وكأنك ثورى معنى بالعدالة الاجتماعية، ولست مضطرا إلى إلغاء الدعم مثلا، وفى الوقت نفسه تسعى لعودة الخصخصة وفتح موضوع الصكوك مرة أخرى و«التدليل» على ثروات مصر فى البر والبحر، هو يتعامل مع الفقراء ومرضاهم، وتلاميذ المدارس النظامية على أنهم عبء ثقيل على ميزانية الدولة، تماما كما كانت تتعامل معهم نخبة جمال مبارك السياسية والاقتصادية، وأيضا كما تعامل معهم الإخوان، واعتبروهم يستحقون الزكاة وليس رعاية الدولة، كان الرجل محظوظا بالدعم الخليجى النبيل الذى لعب دورا عظيما فى حل المشكلات الملحة والمفاجئة، ومع هذا لم يفطن إلى حاجة الناس إلى الشعور بالأمان والثقة فى المستقبل، ومنح خصوم مصر وثورتها فرصة لالتقاط الأنفاس، لأنه لم يقدم على طرح حلول غير تقليدية تتسق مع خيال الشارع الذى تجاوز حيل حكامه، قام بتشخيص أمراض الواقع مثل أطباء ما قبل التكنولوجيا، واعتبر القضايا المثارة على الفضائيات هى القضايا التى ينبغى أن «يفت» فيها، انشغل بالرأى العام العالمى أكثر من انشغاله بالرأى العام فى مصر، راهن على أن الناس يتفهمون أعراض ما بعد عام من الاكتئاب، وأنهم فى مقابل عودة مصر إليهم سيغفرون، الرجل الكبير ليس أقوى من معظم وزرائه، وأزمة الجامعات الحالية والتى توشك على الإطاحة به، ليست أمنية كما روج المحللون والمذيعون الأمنيون، ولكنها بسبب فشل الحكومة فى الملفات كلها،وبسبب الدواء الخطأ الذى تجرعناه بناء على تشخيص الدكتور الخاطئ.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة