الهرتلة:
حتى الأحلام ورؤى المنام يريدون تأميمها واحتكارها، إن كانت لهم فهى حلال ودليل على قرب واصطفاء إلهى، وإن كانت لغيرهم فهى خرافات وخزعبلات ودليل على دجل وشعوذة وجهل..
يفعلها الإخوان بثقة تبدو أقرب للبلاهة، يهللون لأن أحدهم وقف فوق منصة رابعة وأخبرهم أن سيدنا جبريل يشاركهم فى الاعتصام، ويكبرون لأن آخر زف إليهم بشرى رؤيا محمد مرسى وهو يصلى بالأنبياء إمامًا، وإذا قلت لهم: أى هراء هذا؟ يبتسم الواحد منهم فى وجهك قائلا: «مسكين أنت.. لم تفهم بعد أننا رسل فى أرضه، وتكفى طهارتنا لأن نرى ألف رؤيا بين غمضة عين وأخرى».
نفس الإخوان الذين اعتبروا الأحلام ورؤيا مرسى يصلى بالأنبياء دليلا على استحقاقه الرئاسة، سخروا من أحلام ورؤيا السيسى، وقالوا عنها إنها نوع من أنواع الدجل والشعوذة، وكأن حق الرؤيا والتواصل مع الله حصرى للإخوان المسلمين فقط فى استمرار للعبة احتكار التدين التى بدأها الإخوان قبل أكثر من 80 عاما.
الأجمل يمكننا أن نقوله الآن: إن بعض أهل الثقافة والسياسة الذين وصفوا أحلام الإخوان بخصوص مرسى بأنها دليل تخلف ودروشة، واعتلوا منصة السخرية من الإخوان وطريقة تفكيرهم هم أنفسهم الذين اختاروا الصمت طريقا كرد فعل على أحلام السيسى بالرئاسة والسيف الأحمر والساعة الأوميجا، لنحصل جميعا على دليل جديد يقول بأن الحلال والحرام فى مصر مجرد أزياء تنكرية يتم استبدالها حسب الحاجة والمصلحة.
إقرار واقع:
سياسياً وشعبياً.. تبدو كل التسريبات التى نشرتها «رصد» من حوار الفريق السيسى مع ياسر رزق رئيس تحرير «المصرى اليوم» بلا تأثير، وتحديداً لدى الفيلق الشعبى الذى قرر أن يرفع صور السيسى فى الميادين والشوراع، ولكن إن كان هذا رأى المؤيدين على طول الخط، فهل لأصحاب العقول والراغبين فى التأنى والتروى والفحص والتمحيص آراء أخرى؟
قطعا نعم، ويكفيك أن تعترف بأن تسريبات رصد، إن لم تكن قاتلة لشعبية السيسى فى الشارع، فهى عيار طائش يصنع الكثير من الجلبة والدوشة ويخلق مجالا للعكننة حول الهدف المراد إصابته.. وهذا ماحدث بالضبط، حتى وإن لم يعلنها الأنصار والمطبلاتية.
هناك شىء ما يخص فكرة الاطمئنان اضطرب وارتبك بعد ظهور التسريبات، شىء يخص الثقة فى قوة أداء السلطة وقدرتها على الحفاظ على أسرارها، واختيار رجالها، الاعتراف بالخطأ فضيلة، فضيلة تمنحك القدرة على المضى قدما فى طريق الإصلاح، ولابد أن تعترف بأنك مستاء لأنه على المستوى السينمائى والواقعى، يبدو المشهدان متطابقين إلى أقصى حد.
مشهد1:
الراقصة اللولبية دينا أمام الكاميرات تحاول معالجة دموعها وخجلها، ويبدو على ملامحها الكثير من «الخضة» والاندهاش، وهى تصرخ: (والله العظيم لم أعرف أن أبوالفتوح كان بيصورنى عريانة على السرير.. ده جوزى ياجدعان.. صحيح بورقة عرفى، بس جوزى، ولم أتخيل إن جوزى يصور لقاء حميميا وسريا بكاميرا فيديو، ويوزع السيديهات فى الشوارع).
مشهد 2:
الفريق السيسى والعاملون فى مكتبه وياسر رزق يظهرون أمام الكاميرات بعد نشر تسريبات حواره وتصريحاته الخاصة، وتبدو على ملامح بعضهم آثار الخجل، بينما يجتهد البعض الآخر فى محاولة علاج آثار «الخضة» التى تسيطر على ملامحه، ثم يهتفون بصوت واحد أمام الكاميرات: (والله العظيم لم نعرف أن جيب ياسر رزق مخروم والفلاشة هتقع منه.. ده ياسر قال أمام منى الشاذلى: الفلاشة لا تزال فى جيبى).
هل ترغب فى سماع قول آخر أكثر جدية من مسألة المشاهد السينمائية هذه؟!
حسناً.. تعال أخبرك بأن ما حدث فى مسألة تسريبات وزير الدفاع يمثل كوكتيل كوارث، سندوتش مكوناته كلها بلاوى ومصايب أهمها كارثة مهنية تتعلق بخطأ رئيس التحرير الذى تكبر على المهنة، وقرر إسناد مهمة تفريغ حوار بهذه الأهمية إلى عدد من زملائه الصحفيين، الكارثة الثانية تتعلق بالفكرة فى حد ذاتها.. فكرة الاستهتار داخل مكتب وزير الدفاع والسماح بتسجيل دردشات جانبية مع صحفى، بعيدًا عن مسار الحوار الأصلى، ثم خروج التسجيل من مكتب وزير الدفاع دون أى نوع من أنواع التأمين أو التشديد على مراجعة ما ورد به أو ما ورد بالحوار.
الملخص:
اتغطى كويس وأنت نايم.. النصيحة للجميع!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة