جاذبية الانتخابات لتنظيم الإخوان هى جاذبية لا يمكن مدافعتها، فالتنظيم تقريبا لم يدع انتخابات واحدة عرفتها مصر حتى فى ظل ديكتاتورية مبارك دون أن يقتحمها ويدخلها، فجاذبية الانتخابات والولع الإخوانى بها هو الذى جعلهم يتعجلون ترك الميدان للتحالف مع المجلس العسكرى لترتيبات المنتصرين والمنظمين بعد ثورة 25 يناير، وهو ما أحدث صدعا مبكرا بين الإخوان وقوى الثورة. من هنا جذبت انتخابات نقابة الأطباء الأخيرة الإخوان لاقتحامها، وهم فى ظل معمعمة المواجهة مع الانقلاب لإسقاطه وإعادة الشرعية للرئيس المعزول، لا نعرف بالضبط ما هى خطة الإخوان هل هى المشاركة فى الانتخابات؟ أم اعتبار كل ما يجرى ويحدث تحت سلطة هم لا يعترفون بها ومن ثم فإنهم يقاطعونها جميعا؟ هنا مشكلة الإخوان، المراوحة فى الخطاب بين المشاركة والرفض وعدم الاعتراف، وهو ما يؤدى فى الواقع لإرباك المشهد الإخوانى. أتذكر أن نقاشا قد جرى داخل الحالة الإسلامية منذ السبعينيات حول مسألة الانتخابات البرلمانية وكيف أنها شرك لأنها تعنى أن هناك سلطة تقرر هل نطبق الشريعة أم لا؟ بينما الشريعة هى مسألة اعتقادية وعلوية لا تحتاج لقرار من أى جهة، ثم دخل الإسلاميون فى هذا الوقت انتخابات الجامعة واكتسحوها وسيطروا على اتحاد طلاب الجامعة، وهنا ثار التساؤل إذن ما الفرق بين انتخابات الاتحادات الطلابية وبين الانتخابات البرلمانية؟ وقيل وقتها إن الانتخابات التشريعية تشرع وأن الانتخابات الطلابية تخدم، هنا ذلك تبرير أيديولوجى فى الواقع ولكنه يعكس أننا كنا أمام قوة فى السبعينيات جديدة تحاول اختبار قدراتها السياسية على مستويات الاتحادات الطلابية، وأصبح هذا الجيل الذى دخل الانتخابات الطلابية هو رائد بناءالولع الإخوانى الذى لا يمكن مقاومته بالانتخابات والمشاركة فيهامن أى نوع كان. دخل الإخوان انتخابات النقابات فى الثمانينيات أولا ثم التحقوا بالانتخابات النيابية لأول مرة مع حزب الوفد عام 1984، وبعدها مع التحالف الإسلامى عام 1987، ثم انتخابات عام 1995 رغم ما بها من بؤس التزوير، ثم انتخابات 2005 التى أكدت قوة التحدى الإخوانى وأنه البديل الجاهز والمنظم لنظام مبارك، وحتى انتخابات 2010 قد شاركوا فى بعض جولاتها قبل أن يعلنوا الانسحاب لما برز التزوير جليا ومجحفا وغير عقلانى أو سياسى وكان مؤشرا على قرب نهاية النظام.
فى الحقيقة قوة التنظيم الذى عبرت عن نفسها فى محاولة تحدى الدولة بعد عزل مرسى و30 يونيو و3 يوليو، كانت فائض طاقة لدى التنظيم يوجهها دائما للانتخابات، وكان الشعور بأن التنظيم يحقق مكاسب انتخابية داخل النظم المستبدة ويحقق الراحة لأعضائه، واليوم مع إطلاق هذه القوة فى الشارع لتمارس ما أطلق عليه السياسة السائلة المفتوحة على احتمالات عنف، تجعل التنظيم فى مفرق طرق، فإما يستمر فى تلك السياسة السائلة فى الشارع المفتوحة على احتمالات عنف وعدم سيطرة على كوادره، أو الرجوع مرة أخرى للجاذبية الطبيعية داخل التنظيم، التى لا يمكنها مقاومة عمليات الانتخاب لإعادة تنظيم كوادره، والسيطرة على جنوحها وعنفوانها وحداثتها، وتوجيه احتمالات انفتاحه على العنف تجاه المشاركة فى عمليات الانتخاب. جاذبية الانتخابات للتنظيم سوف تجعله بعد التصويت على الدستور يغير من توجهاته واستراتيجيته نحو الانفتاح مرة أخرى على الانتخابات البرلمانية القادمة، وهنا فإن مظلة التنظيم الفضفاضة التى تجمع بين المتناقضات لا تزال بعد لم تحسم خيارها الثورى لتكاليفه، وخيارها المحسوم دوما للاتجاه للانتخابات سيكون هو المرجح للالتحاق بالانتخابات البرلمانية القادمة، لنجد وجوها إخوانية تعيد خطاب الإصلاح من داخل النظام الجديد الشرعى بعد تخلصه من وصمة الانقلاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة