الآن فقط وليس قبل ذلك، أشرقت روح اللواء محمد نجيب وارتاحت بعد عناء امتد لنحو 60 عامًا من الجحود والنكران، ليأتى الإنصاف ورد الاعتبار بقرار الدولة المصرية ممثلة فى رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور، بمنح اسم محمد نجيب أول رئيس لمصر، قلادة النيل العظمى مع رفيق دربه فى المطالبة بالديمقراطية السيد خالد محيى الدين عضو مجلس قيادة الثورة الأسبق.
شخصيًا أسعدنى تكريم اسم محمد نجيب، وقد سعيت على مدار 15 عامًا من البحث والتوثيق نحو رد الاعتبار لشخصية تم اقتطاعها من التاريخ المصرى عقب إقالته من السلطة فى 14 نوفمبر 1954، حيث تم تحديد إقامته بالمرج طيلة 29 عامًا، وأذاعت الـ"بى بى سى" خبر وفاته وهو لا يزال حيًا، وسط كتبه القديمة والقطط والكلاب الأكثر وفاء من كثير من البشر.
وكانت حصيلة ما جمعته من مادة علمية عن محمد نجيب ساعدنى فيها أبناء شقيقاته كل من اللواء إبراهيم عبد الله واللواء محمد عبد الله واللواء حسن سالم، والسفير رياض سامى مدير مكتبه وسكرتيره الصحفى ورفيقه حتى رحيله. ثلاثة كتب صدرت فى أكثر من طبعة بدأتها بمذكرات السفير رياض سامى شاهد على عصر الرئيس محمد نجيب، وكتابى الأوراق السرية لأول رئيس ومحمد نجيب الحقيقة والتاريخ وتبنى الأستاذ ممدوح الليثى إنتاج فيلم عن حياة محمد نجيب وتعاقد معى عندما كان رئيسًا لجهاز السينما عام 2008 واتفق مع المخرج الكبير على بدرخان على إخراج الفيلم وتحمس بدرخان وساعدنى كثيرًا فى تعديلات السيناريو وكنت أذهب لمنزله يوميًا فى جلسات عمل، لأتعلم منه وأستفيد من خبرته الطويلة حتى كتابة هذه السطور لم ير المشروع النور لأسباب إنتاجية لا غير.
ولعل تكريم محمد نجيب يجب أن تتبعه العديد من الإجراءات الضرورية منها على سبيل المثال تصحيح كتب التاريخ المدرسية التى تذكر سطورًا قليلة وعابرة عن محمد نجيب ولا تتناول حقيقة دوره فى ثورة 23 يوليو 1952 وأنه لولا تصديه لقياداتها بصفته الأعلى رتبة والأكثر شعبية فى أوساط الضباط لبطولاته فى حرب فلسطين 1948، وتحديه للملك فاروق فى انتخابات نادى الضباط 1951، لما نجحت الثورة وثبتت أقدامها فى الداخل والخارج.
أما متحف مجلس قيادة الثورة بالجزيرة -الذى لم ينته العمل به منذ سنوات- فلا توجد به أى مقتنيات لمحمد نجيب، بعد أن تم الاستيلاء عليها عام 1954 بعد دخوله معتقل المرج عام 1984 عقب وفاته وطرد أحفاده من فيلا القبة.
ولا يعرف أحد -سوى جهات سيادية معينة- أين ذهبت وثائق وشهادات اللجنة العلمية لكتابة تاريخ ثورة يوليو ومنها حقيقة دور اللواء محمد نجيب ومشاركته فى الثورة وأزمة مارس الشهيرة فى التاريخ المصرى.
سلام على محمد نجيب شاهدًا وشهيدًا ونصيرًا للفقراء، كما نعاه المرحوم صلاح جلال نقيب الصحفيين الأسبق، والمجد والخلود لكل الأبطال والجنود المجهولين والمنسيين الذين أسقطتهم الذاكرة الرسمية وخلدتهم ذاكرة الشعوب، تقديرًا لصنيعهم ومسيرتهم الزاخرة بالأعمال الجليلة وما قدموه فى خدمة أوطانهم ومواطنيهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة