لا نقصد هنا بالطبع جماعة الإخوان وإنما نقصد جماعة أخرى شبيهة فى تركيا وهى جماعة فتح الله جولن وهو داعية تركى يقيم فى أمريكا، وممنوع حتى الآن من دخول تركيا بسبب تحديه للعلمانية. تنتشر جماعة فتح الله كولن فى أوساط الطبقات العليا، وفى أوساط القضاة ورجال الشرطة خاصة، ولها ما يسمى «درسانا»، أى المدارس التى يعطون فيها الدروس للطلبة الذين يعدونهم فيها للامتحانات دون دخول الطالب فى المدارس الحكومية النظامية، ومعظم الملتحقين بهذه المدارس الخاصة الموازية أبناء الطبقات الغنية، لأن هذه المدارس توفر عليهم الذهاب للمدرسة، كما أنها تتيح لهم درجات عالية وسنين أقل، ومعظم دخل جماعة فتح الله جولن «من هذه المدارس التى يمتلكونها والتى يتميزون بها».
كانت الجماعة قد اختلفت مع أردوغان فى الطريقة التى استخدمتها حكومته فى التعامل مع متظاهرى ميدان تقسيم، وشارك عدد من أعضائها بقوة فى هذه الاحتجاجات مناصرين للقوى التى اعترضت على مشروع تحويل الحديقة والأشجار فى الميدان المشهور إلى مشروع تجارى ضخم، وتنتشر جماعات الخضر والبيئة بقوة فى تركيا، وهذه الجماعات هى التى قادت المظاهرات فى البداية ثم تم تسييسها فيما بعد، وانضمت إليها جماعات ماركسية ومعادية لحكومة أردوغان.
تمتلك الجماعة وفق التقديرات المحادية أصواتا فى الانتخابات تصل إلى %7 من جملة أصوات الذين يحق لهم التصويت فى تركيا، وهى تصوت تقليديا لحزب العدالة والتنمية، لكن أسباب الخلاف وهى عديدة بين الجماعة وأردوغان ومن بينها مثلا رفض الجماعة لما ينتويه أردوغان من فصل الطلاب والطالبات فى النزل المشتركةة التى تجمعهم، وبالطبع تكون هناك رقابة على النزل وعلى سلوك المقيمين فيه، واعتبرت الجماعة أن ذلك مقيد لحرية الطلبة، ولأن أردوغان معروف عنه العناد، والمضى قدما إلى نهاية ما يريده فى صراعه مع الخصوم، وأنه عازم على إغلاق الدرسانا، بدأت الجماعة تلدغه بتحذيرها له أن لديها ملفات فساد ضخمة ستعلن عنها، ولأن الذين يراقبون مالية وزارة الداخلية هم من الجماعة فقد نفذوا عملية قبض على المتورطين فى هذه القضية وهى متصلة بإمبراطوريات البناء الشعبى فى تركيا، والعديد من المقبوض عليهم أبناء وزراء ومستثمرين كبار على صلة بأردوغان، لقد تم تنفيذ عملية القبض بدون علم وزير الداخلية وبدون علم رئيس الوزراء، وهنا كانت اللدغة التى نفذتها الجماعة لتنذر أردوغان أنها قادرة على هز صورة حكومته وحزبه، وأنها يمكن أن تكون طرفا فى صراع سياسى ضده متحالفة مع غريمه فى المعارضة وفى السياسة حزب الشعب الجمهورى.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن لاعب الكرة المشهور «حاقان شوكور» والمنتمى للجماعة والمقرب جدا من أردوغان أعلن استقالته من حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا، كما استقال عدد من الوزراء فى حكومة المعلومات تقول إنهم أربعة، كما أن معلومات تتحدث عن احتمال استقالة 25 نائبا فى البرلمان متعاطفين مع جماعة فتح الله كولن، بالطبع أردوغان أقال ضباط الشرطة الذين نفذوا عمليات القبض على المتهمين فى قضايا فساد باعتباره نفوذا متحديا ومقلقا لجماعة فتح الله كولن، بالطبع صورة حكومة أردوغان تتعرض لهزة شديدة مع بداية عام جديد، ربما يكون عام المفاجآت فى تركيا، فحزب أردوغان يستعد لانطلاق حملته لانتخابات البلديات والتى تعد عصب السياسة فى تركيا، كما أن أردوغان يفكر فى التقدم كمرشح للرئاسة، وتمثل تلك التطورات فى الحقيقة الانفتاح على احتمالات تعرض حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا لانشقاقات قد تقود إلى التأسيس لحزب جديد ديمقراطى محافظ أيضا، يكون هو الحصان الأسود فى الانتخابات القادمة فى تركيا، هنا كما تدين تدان فقد خرجت لك جماعة تتحداك فى تركيا، فماذا أنت فاعل وأنت تدعم جماعة الإخوان فى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة