أولا وقبل كل شىء.. سلام على سيدنا عيسى، عليه السلام، فى يوم مولده وأمه أم النور العذراء البتول مريم التى أتمنى أن يجمعنى بها الله يوم الحساب وأكون من بين من يجاورونها، وتهنئة لإخوتى مسيحيى مصر فى كل مكان، وبالعند وغيظًا فى أى واحد من بتوع حرام تهنئة المسيحيين، أردد وأقول: كل عام وكل مسيحى بخير.. كل عام وكل مسيحى بخير.. كل عام وكل مسيحى بخير بخير بخير بخير.
ودع هؤلاء الذين يتكلمون عن حلالهم وحرامهم يعيشون فى مستوطناتهم الخاصة البعيدة، ولكن إلى متى وكم ستحتمل مصر أن تكون فيها مستوطنات مثل فلسطين السليبة التى ولد فيها عيسى، عليه السلام، وجيها فى الدنيا والآخرة، ليتها تقف عند حد مستوطنة واحدة لبتوع الحلال والحرام ولكنها تفشت فى عموم مصر، وإليكم الحكاية:
منذ سنوات لاحظت وأنا أتابع خريطة مصر الجغرافية السكنية، أن مصر تجنح لأن تتحول إلى مستوطنات تشبه تماما المستوطنات الإسرائيلية فى الأرض المحتلة، فالتجمعات التى يطلقون عليها كومباوند تزيد ويعيش حولها عادة مناطق عشوائية أيضا وكأنها كومباوند آخر بمستوى آخر، ونفس الأمر يحدث فيما نطلق عليه مصايف المصريين، فالأغنياء كانوا فى زمن يتخذون من شاطىء سيدى بشر وميامى مقصدهم وشواطئ الأنفوشى البعيدة هى مقصد الطبقات الأفقر، ثم صارت المعمورة مقصد الأغنياء بعد سنين وفقد سيدى بشر وميامى أفضليتهما، وبعد سنوات زحفت طبقات للساحل الشمالى الغربى، وكلما كانت تنتقل الطبقة الغنية إلى منطقة يقترب منها الطبقة الفقيرة تبتعد الغنية عنها بضع كيلومترات كما حدث فى مارقيا ثم مارينا ثم هاسيندا وهكذا.
إذًا كان هذا التوصيف الجغرافى السكنى قبل 2011 يخيفنى، كما كان يخيف كثيرا من الخبراء والدارسين لأحوال مصر التى صارت تعيش فى أماكن أقرب للمستوطنات منها للمدن، نعم ففى كل العالم هناك مناطق فقيرة وأخرى غنية يقصدها الصفوة ولكن فى مصر تشكيل المناطق الغنية والفقيرة مختلف.
ولكن بعد 2011 وثورة يناير لم يعد التوزيع الجغرافى السكنى أو المستوطنات الجغرافية الطبقية هو مصدر القلق الأكبر ولكن القلق الحقيقى أن كثيرا من المصريين صاروا يعيشون فى مستوطنات نفسية وعقائدية بغض النظر عن المستوى المادى أو الفكرى، وهذا هو الخطر الحقيقى ودعونى أسُق إليكم مثلا حيا مفزعا، فإحدى أساتذة الإعلام فى الجامعة الأمريكية جمعنى موقع التواصل الاجتماعى تويتر بها فتعارفنا، منذ أيام وجدتها كتبت تلك العبارة على حسابها الشخصى «لم أعد أستطيع أن أجتمع ولا أصادق إلا من هم مثلى ثوريين».
يا نهار أسود ألهذا الحد صار بعضنا يرسم دائرته ويحكم غلقها حول نفسه، فرحت أقول لها وأسألها عن مواصفات الثورى وهو طبعا تعبير صار مطية منذ ثلاث سنوات لكل عابر سبيل، فقالت إن من بين مواصفاته أن يهتم بحياة البشر، وعجيب أن تكون تلك صفة من صفات تظنها أستاذة إعلام من مواصفات الثائر لأنه، كما يظن عقلى الضعيف، أن تلك الصفة هى من صفات الإنسان ثائراً كان أو غير ذلك، ولكنها- الأستاذة- اختارت عبارة فخمة للتعبير عن مستوطنتها وهو الاهتمام بحياة البشر.
ومن العجيب أن غيرها من مستوطنات أخرى يعيش فيها مستوطنون آخرون يقولون نفس كلام الأستاذة الجامعية فمستوطنة الإخوان المسلمين أيضا تقول نفس العبارة، ومستوطنة الفلول، ومستنوطنة الحكم، ومستوطنة المحكومين بالجرى وراء لقمة العيش، وهكذا دواليك.
تعريف المجتمعات والدول أنهم: بشر تجمعهم أرض ولغة وحكم وهدف، وهكذا كنا، ولكن منذ يناير 2011 صار المصريون تجمعهم الأرض نعم ولكن لا اللغة ولا الهدف ولا الحكم بل صاروا أقرب لأهل فلسطين السليبة مستوطنين تجمعهم كانتونات ويفرقهم كل شىء آخر فاحذروا يا أهل مصر أن تكونوا مستوطنين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة