أحمد ماهر شخص ظريف وذكى، خلص تعليمه واكتشف أن الشغل، أى شغل ميأكلش عيش كويس، فقرر يعمل مشروعا يكسب منه بجد، مشروع شيك يعمل له وجاهة وشهرة وفى نفس الوقث ربح مضمون، فقرر أن يعمل حركة نضال فى الشارع، أيوه مشروع حركة نضال مع البسطاء والجماهير والناس الشقيانة المظلومة اللى مش واخدة حقوقها، ومتبهدلة مع قمع الشرطة وبطش السلطة، ومن هنا بدأ المشروع، وكبرت الفكرة والحركة وبقى فيه أكتر من 300 واحد بياكلوا عيش منها كويس، تعال معايا ومش هتخسر، كل اللى هنعمله إننا هنخدم البلد وهتاخد فلوس كويسة، تعال وهات أخوك وابن عمك وبنت خالتك، كل اللى هتعملوه بالتنسيق معايا إننا هنظم مظاهرات وندعى الناس للخروج ضد الشرطة وضد النظام ونرفع يفط ملونة ونلبس باروكات ونحط ماكياج زى المهرجين ونبتسم فى وش العساكر ونوزع عليه بلالين، خدوا بالكم المهم فى الشغلانة كلها إننا نتصور كويس، المسألة كلها صورة وكلمتين بيطيروا فى كل وسائل الإعلام وبعدها أنا هخرج أتكلم الكلام اللى يخدم علينا كحركة ويجيب لنا مصاريفنا.
دارت العجلة وصور ماهر بدأت تظهر فى التليفزيونات والجرائد، أيام نظام مبارك الغبى، وكترت الفلوس فى الشنط وبعدت الحسابات المؤمنة، واسم الله عليه بقى بيسافر أمريكا وأوروبا والدول المتقدمة، ويلقى كلمات بالنيابة عن الشباب المصرى أمام بيوت الخبرة والمنظمات التى تصمم الحراك الشعبى وتغيير الحكومات من أسفل، أيوه الموضوع كبر وبقى فيه سوق كبير للكلام والحركات، ولو شاطر افتح لك سكة وخد توكيل فى بلدك وجمع شوية ناس واعمل أى حاجة عشان تظهر فى التليفزيونات والجرائد باعتبارك ثورى ومناضل، وبعدها تتفتح عليك أنهار السمن والعسل، بس مفيش مانع من كام لسعة، تدخل تتحبس لك يومين، ده بيعلى تمنك ويخليك فى عيون المنظمات اللى بتدفع كارت سحرى قابل للاستخدام أطول وقت ممكن.
المشكلة إن اللى رباهم ماهر الظريف، طمعوا، والمثل بيقولك متأمنش لجنس مخلوق إلا أمك ولو اتجوزت غير أبوك إكرفها، قالوا له إنت بتقبض أد كدة ومبنشوفش منك غير الكلام الفاضى، عايزين حقنا، قال لهم: أنا الحركة والحركة أنا وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا، فانشقوا عليه وعملوا حركة تانية، وبقى عندنا حركتين، واحدة فيها 130 وواحدة تانية فيها حوالى 143، وبقى عندنا اتنين منسقين واتنين مكتبين سياسيين واتنين متحدثين إعلاميين وبقى الصحفيين الغلابة يجروا من الحركة دى للحركة دى ويغلطوا فى صور المنسقين والمتحدثين الإعلاميين، والفضائيات تجرى وراهم من المؤتمر الصحفى دا للمؤتمر الصحفى دا.
وقع نظام مبارك، غير المأسوف عليه، وخرج أخونا أحمد ماهر والـ130 واحد اللى معاه قالوا لك إحنا اللى عملنا الثورة، رحنا البنك جبنا فلوس كتير من تبرعات الأعضاء، وأجرنا عربيات واشترينا وجبات عيش ومش ويوستفندى وقلنا للناس عندنا ميتنج فى الميادين فصدقونا ووثقوا فينا، وبعدين جبنا كل تجار الإعلام وإديناهم فرصة للتحقق وعمل المشاريع الصغيرة والتسويق للناس والناس اشترت الأعلام ولوحت بيها فى الميادين ووزعنا عليهم الشعارات اللى رددوها فانهار النظام وبقى عندنا أكبر ثورة فى التاريخ والفضل لحركتنا وللرعاة طبعا اللى دعمونا ودربونا على التثوير من أسفل والتغيير السلمى، وأرجو ألا يتوقف دعمهم لنا، لأن مجتمعنا مازال فى حاجة للكثير من الشغل حتى يتخلص من كل أشكال التسلط والحكم الشمولى، كما يحتاج مواطنونا اللوكل إلى كثير من الجهد ليفهموا إزاى حركتنا بتحاول تنضف أمخاخهم الوسخة وتخليهم يطلعوا ورانا عشان نعرف ناكل عيش. هكذا دار ماهر الظريف على المنظمات الراعية والدول الصديقة فى مؤتمرات لا تنقطع ليحقق أكبر قدر ممكن من الدعم حتى يستمر ويتوغل، خاصة أن الناس ناكرين الجميل انفضوا عنه ونفضوا له خالص بعد 25 يناير وكأنه مش موجود بينما اللى يسوى واللى ميسواش عمله برنامج ودخل البرلمان وقعد مع رئيس الوزارة يديله دروس فى الثورة والتغيير.
لأ أنا مش هقع، مش هموت، أنا أستاذ كبير أنا تاريخ، وخرج ماهر الظريف أمام السفيرة الأمريكية، ما يغركوش الصور والابتسامات معاها، وقال لها شوفى لنا حل، الشباب الثورى مش عارف يعيش مع العسكر، والشرطة إيديها تقيلة، ودينى مؤتمرين تلاتة ما بين هولندا ونيويورك، وأنا هرجع وأجدد دم الحركة وهناضل ضد حكم العسكر الشمولى الوحش، وفعلا رجع ماهر الظريف وجمع الـ130 وقالهم الفرصة جت لنا تانى عشان نرجع أرضنا المحروقة فى الفضائيات، وعند الصحفيين اللى بقوا ينفضوا لأخبارنا، قانون التظاهر فرصتنا الأخيرة.
واتعنتر ماهر الظريف هو ورجالته ونزلوا وسط البلد بالبرمودا والكاب والباروكات الملونة وزعوا بلالين على الشرطة وقالوا بعلو الصوت قانون التظاهر وحش، الغريبة إن الناس ما تجمعوش، وصلوا طلعت حرب رشوهم بالمية والغاز، وردت الحركة بالحجارة والتصريحات واتقبض على حوالى عشرين منها، ورجعت الروح تانى الفضائيات واشتغلت مكنة التصريحات خصوصا بعد ما بشروا ماهر الظريف إنه مطلوب ضبطه وإحضاره، وعلى الفور توجه لأقرب حى من وسط البلد حى عابدين ليعلن أمام البسطاء تدشين الثورة التالتة، فما كان من البسطاء إلا أن ضربوه بالقفا وشتموه بالأم شتائم يعاقب عليها القانون. راح ماهر الظريف ضربها كرسى فى الكلوب، وجمع مكتبه السياسى ولبس الترنج الأبيض فى إشارة جوهرية إلى أنه لا يخشى الحبس الاحتياطى والنضارة السوداء وراح سلم نفسه، ولما سألته النيابة اتظاهرت ليه من غير تصريح بالمخالفة للقانون، قالهم بكل ثقة مكنتش أعرف إن القانون طلع، قالوا له: روح يابنى ومتعملش كده تانى، فرح ماهر الظريف لكنه حسبها بسرعه، إنتو عايزين تحرقونى وتطلعونى مخبر.. لأ أنا مش أروح أنا قتيل الحكومة.. أنا وش إجرام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة