محمد الدسوقى رشدى

الدفاع عن 25 يناير واجب ثورى!

الإثنين، 30 ديسمبر 2013 09:58 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إقرار واقع:
كل من ارتعش وبكى حزنا على سقوط مبارك، يصرخ الآن: «25 يناير نكسة، 25 يناير هوجة»، وكل من تلون وسعى لنفاق الشباب واختلق آلاف القصص عن بطولاته الخفية فى مواجهة نظام مبارك، يقف الآن كما شجيع السيما، ليقول أن 25 يناير كارثة صنعتها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية لتدمير مصر، كل مذيع وكاتب وسياسى حاول جاهدا بعد 25 يناير تطهير نفسه بنفاق الثورة، أو نفاق شبابها، أو التغزل فى ميدان التحرير، يخلع الآن «برقع الحياء» ويهاجم الثورة علنا ويتهمها ويتهم شبابها بأنهم أعداء للوطن.
المطلوب:

استرجل وقف كما الرجال شامخا فى وضع الاستعداد للدفاع عن ثورتك ضد موجة التشويه والتخوين التى تبدو من الأفق انتقامية، ومنظمة ومدفوعة الأجر من رجال نظام سابق، يرغبون فى العودة مرة أخرى إلى دفة القيادة، وأول علامات الرجولة الاعتراف.. اعترف بأن الثورة شاخت قبل أوانها، وتعثرت، وتراجعت موجتها، وتلاشى حماسها، وتدحرجت من حجر الشباب إلى حجر العواجيز إلى العسكر إلى حجر بقايا نظام مبارك.. وأخيرا إلى اللاشىء.

اعترف بأن بيت داء الثورة بموجتها الأولى فى 25 يناير، والثانية فى 30 يونيو، وسر شيخوختها هؤلاء الذين تصدروا المشهد للحديث باسمها، ثم أغوتهم السلطة فسقطوا فى أحضانها، بعضهم غابت عنه شمس الثورة فى زمن المجلس العسكرى، وبعضهم سحبت سلطة الإخوان كل رصيده، وبعضهم الآخر غير مهنته واحترف ضبط إيقاع الطبلة من أجل إسعاد سلطة مابعد 30 يونيو.. وبين هؤلاء وأولئك ومابينهما تاهت ثورة 25 يناير وغفل عنها أصحابها فى أرض معركة انشغل كل من فيها بالبحث عن المغانم أو محاربة الإحباط.
(25 -30):

أنت تعلم تماما وتشعر جدا بأجواء مرحلة «الميوعة» التى نعيشها.. الثورة والـ«لا» ثورة، الضباب الذى تعجز بسببه عن تمييز متى تتظاهر وتهتف وتصرخ، ومتى تهدأ وتفكر وتتفاوض وتطرح عدوك أرضا، دون قطرة دم أو اشتباك، وتعلم أيضا أن نفس المشاهد التى أغضبتنا بعد 25 يناير تتكرر بعد 30 يونيو، وتدرك بالإضافة إلى ذلك أن التحرك لتصحيح مسار 30 يونيو هو فى أصله رد اعتبار، ودفاع حقيقى، وجوهرى عن 25 يناير.. ولكن يبقى السؤال:

هل استخدم أحدهم ورقة كربون جيدة الصنع لينقل لنا واقع ما بعد 25 يناير إلى واقع ما بعد 30 يونيو بتفاصيله وأخطائه وغباوته؟!
راجع تحركات شباب تمرد داخل لجنة الخمسين، وتحركات باقى أهل النخبة والحركات السياسية والقوى الثورية بعد رحيل الإخوان، وستفهم أنهم مجرد نسخ للتحركات البائسة لشباب الثورة بعد 25 يناير.. عجز عن إدراك الفرق الجوهرى بين الهتاف والسياسة، السقوط فى فخ الهوس بالفضائيات، وأخيرا البحث عن طرف قوى وتسليمه مفاتيح اللعبة.

بعد 25 يناير سلم الشباب مفاتيح اللعبة للإخوان، وبعد 30 يونيو وعلى طبق من فضة، وبإضافة المزيد من توابل المدح والتفخيم يقوم الشباب بتسليم كل المفاتيح للمجلس العسكرى.

هل تصدق أن شابا قاد حركة للتمرد على نظام سياسى، متهم بفردية اتخاذ القرار والاستحواذ على السلطة لصالح جماعة، هو نفسه الذى يسعى الآن لتسليم السلطة إلى فرد.. ويقول إنه سيكون الداعم له فى حال ترشحه للرئاسة؟

معذور!
أنت تقول ذلك تحت شعار أنه لم ير بديلا لحكم مصر أفضل من السيسى، ولكنه ليس معذورا أبدا، لأنه لم يميز بعد الطرق التى تأخذ الأوطان فى «سكة الحكم الفردى»، عن الطرق التى تأخذ الأوطان فى سكة الديمقراطية والإصلاح بالتسويق لدولة المؤسسات والحكم المدنى.

معذور!
أنت تكررها مرة أخرى، ولكنه ليس معذورا أبدا، لأن من يقرر العمل فى السياسة، عليه أن يدرك أولا أن الفجوة ضخمة ومتسعة بين ما يعرف باسم الحكم العسكرى وما يعرف باسم حكم الفرد؟

وكيف ألتمس العذر لشخص قرر أن يعمل بالسياسة، وفشل فى تشخيص داء مصر، وإدراك أن أزمتها ليست فى نوع البدلة التى يرتديها رئيس الجمهورية، ولكن فى أوانها الذى حان لكى تتخلص من حكم الفرد، أيا كان هذا الفرد، وأيا كانت عظمته، وتنطلق نحو دولة يحكمها القانون والمؤسسات ونظام إن غاب عنه ألف ألف من أفاضل البشر، يستمر فى عمله بنفس الكفاءة والاقتدار!

لا تتعجل وتعزف على أوتار حسن النوايا.. النوايا بمفردها يا سيدى لا تصنع أوطانا، ولا تطعم الجياع ولا تؤمن لنا مستقبلا كريما.

عالم النفس والباحث الأمريكى الشهير «جون نوركروس» يقول فى دراسة رائعة له عن النوايا الحسنة.. فى معظم الحالات لا يتمكن الأشخاص من الاحتفاظ بنواياهم، والخبر السيئ يتمثل فى أن النوايا الحسنة لا تجدى نفعا بمفردها، والنوايا هنا مهما كانت درجة حسنها يمكن أن تنتج لنا كل ما هو قبيح، خاصة حينما تعرف أن عبدالعزيز، وقف فى لجنة الخمسين يدافع عن مادة محاكمة المدنيين عسكريا، مختلقا لدفاعه نفس التبريرات الوهمية التى استهلكها نظام مبارك، ومن بعده الإخوان، وكلها تتعلق بالأمن القومى، ونحن فى حالة حرب، والقضاء الطبيعى بطىء.

هل فهمت الآن لماذا أخبرتك فى البداية بأن الثورة شاخت؟
لأن الذين تصدروا مشهد الحديث باسم الثورة، توقف عقلهم وتقلصت مساحات تفكيرهم وإبداعهم وتمردهم عند تلك المحطة العجوز التى يرى فيها السياسيون الراغبون فى الحصول على مناصب ومكاسب، أن البحث عن فرد قوى هو الحل الوحيد للخلاص من صداع الانتخابات والجدل حول الشخصيات.. البديل الجاهز الآمن خير من وجع الدماغ، هكذا يفكر العجائز، وهكذا يرغبون فى راحة البال، حينما يحيلون كل شىء إلى حجة الأمن القومى، وحالة الحرب مع الإرهاب.. صدقنى وهج السلطة محفز قوى لنمو خلايا الشيخوخة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة