عودة ناجحة إلى حالة العداء مع الداخلية بعد فترة قصيرة من الهدوء واستعادة الثقة بين الطرفين، فى ظل حالة التوحد والمصالحة التى كادت أن تنجح بعد الثلاثين من يونيو.
هل لنا أن نعيد تفكيرنا فى حقيقة الأمر، والبحث بشكل أكثر عمقا لمحاولة الوصول إلى المسببات الحقيقية غير المعلنة لإعادة أزمة الثقة وحالة العداء بين الشعب والداخلية لسابق عهدها؟
قليلا من الهدوء ومحاولة تصور أنفسنا فى موضع الآخر، حتى نتمكن أن ندرك ونعى جيدا المبررات المنطقية لتصرفات الآخرين، آنذاك وبموضوعية وحياد تامين يمكن لنا أن نصدر أحكاما أقرب إلى المنطق على الطرف الآخر.
وزارة الداخلية تنفذ الأوامر وتطبق القانون الذى أملته عليها الحكومة وأقرته، وأصبح فى هذه الحالة واجب التطبيق.
ومن الطبيعى أن الجهة المنوط بها تطبيق القانون، هى تحديدا وزارة الداخلية.
وإذا تعمقنا فى تفاصيل ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية منذ صدور قانون تنظيم التظاهر، نجد أن أفراد الشرطة لم يرتكبوا مخالفات خارجة عن ما يتحتم عليهم القيام به.. فهناك حدود وبنود للقانون يلتزمون بها (السلمية.. الإخطار.. إلى آخره)، ومن الطبيعى أن يلتزم فرد الداخلية بمراعاة تلك الحدود وتطبيقها حتى وإن لم تكن على هواه.. فلماذا تسارع القوى الثورية بإعادة إعلان العداء على الداخلية التى تنفذ القوانين فحسب!! وتترك الجناة الحقيقيين فيما نحن فيه الآن؟
لا بد من البحث فى أعماق الموقف واستعراض تصرفات الحكومة طيلة مدة إقرار حالة الطوارئ وما بعد رفعها الآن!!
لا بد من البحث عن الخونة المستترين داخل الحكومة الذين أرادوا بمصر وشعبها وجيشها وشرطتها السوء.. هؤلاء الذين يعبثون بالبلاد من خلال مواقعهم الرفيعة، وينفذون الخطط البديلة للغرب وعملائهم من الإخوان، بعد أن فشلت خطتهم الأولى والأساسية، فمن الطبيعى أن ندرك أن هناك خططا بديلة لا نعلم عددها لاستعادة السيطرة على البلاد من قِبل الإخوان لتنفيذ مآرب الغرب فى مصر والمنطقة، وهناك من يشتركون فى تنفيذ تلك المخططات داخل الحكومة.
أنا لا أتهم شخصا بعينه، لكننى أعملتُ عقلى واستفتيتُ قلبى فى محاولة جاهدة للوصول إلى نتائج. منطقية.. ليست مبنية على مجرد افتراضات أو تخمينات أو تحيزات لجهات معينة على حساب الأخرى، وإنما دراسة عدة معطيات من شأنها أن تخرج بنتائج يعتد بها.
فعندما نستعرض فترة تطبيق حالة الطوارئ، لم نجد أى استخدام لأى من بنود القانون فيما يخص التظاهر وحظر التجمعات، وذلك فى أشد فترات استخدام العنف والانتهاكات من قِبل أنصار الإخوان! فهل يُعقل أن لا يكون هناك أى رد فعل مناسب للحكومة عندما كانت لديها كل الصلاحيات التى تخول لها التصدى للتظاهرات غير السلمية أثناء الطوارئ!
لماذا خرج وأُقِر قانون تنظيم التظاهر الآن تحديدا؟ هل من المنطقى أن تصدر الحكومة التى لا أستبعد وجود عناصر مغرضة بداخلها هذا القانون فى هذا التوقيت الحرِج، فى حين أننا نعلم جميعا أنه سيلاقى رفضا كبيرا من الغالبية العظمى، وسيثير الكثير من الاضطرابات وسيعمق الخلافات التى بالكاد بدأت أن تهدأ ولو لفترة على سبيل الهدنة بين جميع الأطراف فيما عدا الإخوان وأنصارهم طبعا؟
إصدار الحكومة لهذا القانون فى هذا التوقيت لا يخدم سوى مخطط استمرار الفوضى وزعزعة الاستقرار الذى كنا على وشك التخلص منه بعد طول انتظار!!
تصدّر الداخلية للمشهد وإلقاء اللوم والاتهامات عليها شىء غير مُنصف.. فلنبحث جميعا بشىء من التروى عن المتسبب الحقيقى فى هذه الأزمة، والداعم المستمر لإشعال الموقف كلما خبت نيرانه.
الأيادى العابثة بمصر هى من تسعى لإعادة هدم مؤسسات الدولة الأساسية، وإعادة زرع أزمة الثقة بين كياناتها الحيوية من جيش وشرطة مع الشعب.