نيلسون مانديلا ذلك الرجل العظيم الذى كان واحدا من الذين غيروا شكل العالم وجعلوا القارة السمراء تبتسم ووضعوا أسسا عريقة لإنسانية المقهورين وكان إلهاما لبلاده ولمن ثار من بعده من أجل حقوق الإنسان، فى يوم وفاته اضطرتنى الظروف للقاء أحد الكائنات الإخوانية المعقدة التى تنشأ وتترعرع فى جحور الطمع وظلام التقوقع وعزلة الأنانية والاستعلاء والادعاء والتى أصبحت تتغذى حاليا على إزعاج الشعب المصرى وحرق ما تبقى له من دماء.
وكنت فى لحظة أبدى إعجابى بهذه الأسطورة المانديلية وبنضال الرجل وكفاحه وصبره من أجل التغيير للأفضل وكان بعض من حولى يعلقون إيجابا بنقاط مضيئة من تاريخه، فوجئت بالمخلوق الإخوانى يتدخل بجملة أغرب من الخيال قائلا:- على فكره الرئيس محمد مرسى أعظم من مانديلا !!!!
تحولت له فى ذهول متماسكة ومتسائلة عن السبب من وجهة نظره؟ فقال إن الرئيس مرسى يكافح من أجل الحرية ويناضل من أجل الحق وإنه صبر مع الجماعة سنوات طويلة وتعرضوا للاضطهاد من أجل الإصلاح ثم حين جاءتهم فرصة رفع الظلم أسقطهم الفريق السيسى وليس الشعب المصرى وتم التنكيل بمرسى وسجنه مرة أخرى ولكنه سيصبر وسيصبرون من ورائه حتى يقضى على العنصرية فى مصر بين من يؤيد النظام ومن يرفضه وأسهب فى الإيضاح قائلا، إن سر عظمة مرسى وتميزه عن مانديلا أن مانديلا كان يكافح فى عصور الظلام والاستبداد وإنما مرسى يكافح فى عصر التحضر والانفتاح والديمقراطية العالمية ومع ذلك مقيد الحرية هو ومن خلفه!
وبعد أن أنهى حديثه المتواصل وخطبته الهشة وكإنما حفظها عن ظهر قلب وتدرب عليها كأنها درس سيلقيه أمام الموجة فى مدرسة ابتدائيه حكومية، نظر إلينا فى تعال.. وكأنه يقول هيييييييه كبستهم!
استفزنى ومن معى فأخذت زمام الحديث وقلت له فى حدة:- يبدو أنكم لا تعلمون من هو مانديلا.. ذلك الرجل الذى كافح من أجل تفكيك العنصرية فى عصر مظلم محمل بالأسلحة وأصر على نبذ العنف وحرمة الدماء ولم يكن مسلم الدين بل كان مسلم الفعل.
رجل من وقت سجنه وحتى خروجه رفض أن يدعم استخدام العنف ولو من أجله هو شخصيا لم يفعل مثلما فعل مرسى المعزول حين حرض أنصاره على القتل وسفك الدماء من أجل رئاسته وشرعيته التى أسقطها الشعب بأفعاله وبجماعته ولا يزال يدعم العنف من قلب محبسه ببياناته وترهاته.
مانديلا الذى شكل أول حكومة فى عهده من أعراق مختلفة وتيارات مختلفة حتى يرأب الصدع الوطنى الذى كان وقتها فى جنوب أفريقيا ويجمع التشكيلات السياسية من حوله يشبه مرسى الذى شكل حكومة مصطنعة إخوانية القلب والقالب بل ولم يكتف بذلك بل حاول أخونة كل المؤسسات برجاله وأفكارهم العفنة ولم يبحث عن أية مصالحة وطنيه إلا اسما وأفعاله كانت نقيضا.
مانديلا الذى دعم الحريات فى عهده وما بعد رئاسته ورفض التمكين وصدر أفكاره المسالمة للعالم ولم يترك أنصاره وعشيرته ينكلون بمعارضيه مثل مرسى الذى دعم العنصرية الإخوانية بل إنه أطلق أذنابه على الرافضين لحكومته، مانديلا الذى حدث فى عهده تقدم واضح ومع ذلك رفض الترشح لولاية ثانية وتركها لمن بعده، أم مرسى الذى يحاول أن يدفع بمصر إلى حرب أهلية رغم فشله فى الإدارة واستيلاء جماعته على أحلام المصريين.
كيف تقارن بينهما وأين هو مرسى من مانديلا وكيف أوصلتك عبقريتك الإخوانية لهذا التفكير! لن أجادلك فهناك الكثير من الأمور لكنى أرفض الاستمرار فى هذه المقارنة الخرافية.. عموما نيلسون مانديلا تعرض للسجن 27 عاما، فإذا كنتم على قناعة أنكم أعظم منه ومرسى أفضل منه فعليكم الصبر ضعف المدة.. يجب أن يتم سجن مرسى 27 عاما وبعدها تسجنون جميعا 27 عاما أخرى حتى تثبت لنا أفضليتكم، ثم ضحكت وتوالت بعدها ضحكات الموجودين نكاية فى هذا المتبجح، نظر لى بإشفاق حقيقى وليس مصطنعا وقال: للأسف السيسى عطل مخكم ومغيبين والكلام معاكم ملوش لزمة بكرة تشوفوا الإخوان اللى واقفين مع الحق والديمقراطية عشان مصر، أنصار مرسى اللى مش عاجبينكم بكرة ربنا ينصر الحق وتشوفوا هيعملوا إيه. هنحرركم غصب عنكم والله العظيم، ثم تأملنا وانصرف.. هؤلاء الإخوان يرون أنهم الحق وأن الكون كله باطل يروننا مغيبين فاقدى الأهليه يرون مرسى أعظم من مانديلا ينتظرون لحظة العون السماوى بلا فكر واقعى ويخططون لها باستماته، هؤلاء الحل الوحيد معهم أن نوقفهم عند حد الدولة بقوة القانون وأن نوقف الحديث معهم عن المصالحة أو وحدة الصف من أجل الوطن، هؤلاء لا يجب ان نتناقش معهم أو نواجههم فكريا فقط فى هذه المرحلة علينا أن نردعهم عن غيهم ثم نتجاهلهم ونمضى.. حتى إذا شعروا بحجم خسارتهم وواقع مصيبتهم توقفوا وأعادوا حساباتهم.. وقتها وفى لحظة ما، يعودون فيها من فضائهم إلى الأرض ستدفعهم المصلحة إلى المصالحة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة