إبراهيم داود

لياقة مانديلا

الإثنين، 09 ديسمبر 2013 03:35 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أوباما وزوجته وكيلنتون وزوجته وبوش الابن وكارتر سيكونون هناك، هم فى طريقهم لتكفين معنى كبير اسمه نيلسون مانديلا أمام الكاميرات، واستثمار مشاعر مظاليم الكوكب (الذين فقدوا عزيزا لديهم) لتحسين صورة الإدارة الأمريكية «صاحبة الواجب»، الراحل العظيم وعدد كبير من قيادات حزب المؤتمر الأفريقى لم يكن مصرحا لهم حتى 2008 بزيارة أمريكا إلا بإذن خاص من وزير الخارجية، رغم مرور سنوات على سقوط نظام التمييز العنصرى مطلع تسعينيات القرن الماضى، لأن حكومة الفصل العنصرى(الأبارتيد) كانت تصنف الحزب كمنظمة إرهابية، واعتبرهم رونالد ريجان إرهابيين، فى 2008، وفى عز الوحشية الأمريكية فى أفغانستان والعراق شعرت كونداليزا رايس رسميا بالحرج، وتم إلغاء التصنيف بقانون، خرج مانديلا من السجن مع نهاية الحرب الباردة، كانت البشرية فى حاجة إلى نموذج «شعرى» يؤكد على قدرة الإنسان على الصمود أمام الظلم والزمن، يؤكد على إمكانية مسامحة الجلاد ورد الاعتبار لفكرة المقاومة والمثابرة والوطنية، وفى الجانب الآخر يكفر الرجل الأبيض عن جرائمه فى حق أهل الدار، ويعطيهم حق التصويت، ولكنه يحتفظ بالبنوك، مانديلا كان يحب الملاكمة ويقول: «كيف للمرء التحرك لحماية نفسه.. وكيف يمكن أن ينظم نفسه طوال المباراة؟»، خاض أطول مباراة فى التاريخ، سبعة وعشرين عاما فى زنزانة فى جزيرة لا يذهب إليها إلا الميئوس منهم من أصحاب الحق، جنب مستشفى لمرضى الجذام والأمراض النفسية والمزمنة، تدرب أكثر مما ينبغى، لأن التسامح يحتاج إلى لياقة روحية عالية، السنوات العشر الأخيرة فى حياته تستحق التأمل، أنت أمام رجل يعيش بين مكانين: قصر فى ضواحى جوهانسبرج وآخر فى ملاعب طفولته فى قرية كونو فى إقليم الكاب الشرقى، جيران القصر هم سلالة ملوك التعدين البيض والمصرفيين وأصحاب التوكيلات العالمية، الذين شيدوا العاصمة على أنقاض التاريخ والحكايات والأساطير، وفى المكان الآخر بين أهله الذين يعيشون فى أكواخ لم تبرح القرن التاسع عشر، أناس لم يفلح شعار «التمكين الاقتصادى للسود» فى الانتقال بهم إلى حياة أفضل، بعد عشرين عاما من الحلم باتت جنوب أفريقيا أكثر بلدان العالم بعدا عن المساواة، وصفها نقابى بارز معارض، بأنها «تشبه القهوة الإيرلندية، سوداء فى أغوارها، وعلى السطح رغوة بيضاء ونثار من مسحوق الشيكولاتة» يزيد دخل الأسرة البيضاء على ستة أمثال السوداء، ثلث السود عاطلون، بينما لا تتجاوز نسبة البطالة بين البيض %5، أعلى معدلات جريمة فى العالم، فساد فى الحزب الحاكم الذى كان مانديلا زعيما وملهما له، رئيس الجمهورية جاكوب زوما متهم بفساد زاعق منذ وصوله إلى الحكم فى 2009، صورة غائمة لمستقبل غائم، رحل المعنى الكبير الذى تربع فى وجدان البشرية.. وأخذ حلمه بالمساواة والعدالة الاجتماعية معه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة