عزيزى المفتون بالرئيس المنتخب، يعرف العقلاء وأهل العلم من البشر أن الضرورة لا تفرض أبدا أن يخرج من باطن كل صندوق جوهرة ذهب، فكم من صناديق لا يخرج منها سوى ما يصلح للتفاوض بشأنه مع باعة «الروبابيكيا»، وكم من صناديق تخرج لنا بأشياء أقل فى القيمة والكلفة من تكلفة الصندوق نفسه أو رحلة الوصول إليه..
هل أدركت المغزى!!
قداسة الصندوق لا تعنى بأى حال من الأحوال قداسة القادم عبر التفاعلات التى تمت داخله، أياً كان حجمها أو عددها، وضع ملايين الأصوات فى فتحة الصندوق الانتخابى الضيقة لا يعنى أبداً منح صاحبها حصانة مطلقة ضد الزوال، الحصانة والشرعية التى تمنحها الصناديق للرؤساء أو القادمين عبرها، لا تكتمل إلا إذا التزم الفائزون بوعودهم وتنفيذ برامجهم الانتخابية وفقاً للمخططات الزمنية المعلنة مسبقاً.. والرجل الذى رزقتنا الصناديق إياه فى مصر لم يلتزم ولم يقدم أوراق اعتماده لا على المستوى الاقتصادى أو السياسى أو الاجتماعى أو حتى فى اللغة الإنجليزية التى لم يقدم لنا أحد من الإخوان تفسيراً لسؤال يقول كيف يجهل مرسى الإنجليزية بهذا الشكل المستفز وهو الذى أخبرنا وتفاخر أمامنا بأنه قام بالتدريس فى الجامعات الأمريكية لمدة تزيد عن 10 سنوات؟.. هل تملك تفسيراً آخر لهذا اللغز غير تلذذ هؤلاء فكرة امتهان الكذب واللف والدوران؟!!
حتى فى اختبارات الديكتاتورية والبطش فشل مرسى فى أن يكون ديكتاتوراً محترفاً وباطشاً يخشاه الناس، رغم كل القمع الأمنى والتهديدات الرئاسية المرفقة بصباع السبابة تجلت السخرية من هيبة الدكتور مرسى فى أبهى صورها داخل مدن وشوارع السويس حينما خرقت حظر التجول وتجاهلت تماما انفعاله وغضبه التمثيلى الكوميدى وخرجوا إلى الشوارع بالآلاف وكأنهم يخبرون الرئيس بأن قراراته لا تصلح سوى أن يتم «بلها» والتعافى من وهم الكاريزما والرئاسة بشرب مائها.
الإقرار بحق الإخوان بالوجود على رأس السلطة عبر طريق شرعى واجب لا حاجة لنقاشه.. ولكن على الإخوان أيضاً أن يتبعوا أصوات ضمائرهم وأن يكونوا أهل عدل ويعترفوا بأن محمد مرسى لا يصلح للجلوس على كرسى رئاسة مصر، ربما يكون أعظم أستاذ هندسة فى التاريخ، وربما يكون مسؤولاً ناجحاً عن ملف تعاملات الإخوان مع الأجهزة الأمنية، وربما يكون أنجح النماذج البشرية للتدليل على عظمة ماجاء فى الحديث القدسى: (وعزتى وجلالى لأرزقن من لا حيلة له حتى يتحير أصحاب الحيل)، ولكنه وبكل تأكيد ليس المناسب للجلوس فوق كرسى رئاسة مصر وحالة الاقتتال الأهلى والارتباك والانقسام السياسى، والترهل والضعف الاقتصادى ومن قبلها بحر الإحباط واليأس الذى يغرق فيه أهل وطن كانوا فى قمة النشوة والتفاؤل بعد الثورة أكبر دليل على ذلك.. ده طبعا بخلاف الأداء الرئاسى الذى لا يسر حبيب ولا يملأ عين عدو برهبة أو احترام والدليل نظرة أنجيلا ميركل الشهيرة لرئيسنا وهو ينظر فى ساعته أثناء المؤتمر الصحفى فى برلين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة