اختلف أو اتفق مع الدكتور محمد البرادعى، لكن لايمكن إنكار أنه رجل عادل فى أحكامه وكلماته وخصومته، ومن تابعوا حواره الأخير مع الإعلامى المتميز شريف عامر يكتشفون ذلك بسهولة، فالرجل لا يمارس المزايدة، ولا يهول أو يهون، ويطرح وجهة نظر يصر عليها، ولم يغيرها طوال عامين، وأثبتت الممارسة أنه يمتلك بعد نظر فى الرؤية، كما أنه صادق فيما يعبر عنه من أفكار، ووطنيته ليست محل شك.
أجاب البرادعى فى حواره عن بعض الأسئلة المطروحة، ولم يتورط فى اتهامات صغيرة، حتى فى مواجهة صغار شككوا فى وطنيته، وهم لايدركون أنهم يشوهون رجلا كانوا شركاء له، بل كانوا يصطفون خلفه.
وعندما سأله شريف عامر عن رفع أسعار الوقود، وقرض الصندوق، كان يمكنه أن يزايد أو يستغل الكلام فى مهاجمة مرسى، لكنه قال إن البعض يقول إن هذه روشتة البنك، لكن هذا غير صحيح، وهى إجراءات اقتصادية مطلوبة وضرورية. وقال إن هناك حاجة شديدة للقرض لإنقاذ البلاد من انهيار اقتصادى محتمل. ونصح الرئيس بتعيين حكومة قوية، وممثلة لجميع الأطياف، تضم وزير مالية محنكا للعمل مع صندوق النقد. وقال إن الاستقرار السياسى وعودة الأمن سيقودان إلى عودة السياحة والاستثمارات. وقد يختلف البعض أو يتفق مع وجهة نظر الرجل فى القرض، لكن الفكرة هنا أنه لم يتخذ القضية فى المزايدة، وبرر للرئيس والحكومة الاقتراض.
البرادعى يقدم نصائح مهمة من سياسى له خبرة وعلاقات، وقد أكد بشكل واضح أنه لا يطمح لمنصب، وهو أمر يكشفه سلوكه خلال عامين، كانت وجهة نظره وكثيرين أن «الدستور أولا»، كان يمكن أن تعصمنا من صراع عبثى، وقد انسحب من سباق الرئاسة لهذا السبب، وهو ما يفند أى اتهامات للرجل بأنه يريد الكرسى، فضلا على تأكيده «إحنا مش عايزين نمشى الدكتور مرسى.. إحنا عايزين نمشى البلد»، وقال إننا لا يمكن أن نسعى لخراب البلد، لأن الخراب يضرنا ويهدم البلد.
الدكتورالبرادعى يلعب دور المحفز السياسى، وكلامه موزون.. لقد قال إن الشرعية مثل رخصة القيادة التى يمكن سحبها إذا لم يحسن السائق استعمالها، وهو تعبير بالرغم من بساطته يصل للهدف. كما اعترف بأن قدرته على وقف التظاهر ليست نهائية، وأن جزءا من المظاهرات يمارسها فقراء ومواطنون غاضبون، منبها لخطر الفقر والخوف من ثورة جياع تهدم الدولة.
ونفى أن تكون هناك شروط مسبقة للحوار، وقال إن الحوار يجب أن تكون له قواعد حتى لايكون مجرد كلام بلا معنى، وكشف أن أحدا لم يدع لحوار جاد، ولا يمكن الاختلاف حول كون الإصلاح الاقتصادى لن يأتى إلا بعد إصلاح سياسى حقيقى، وهى نصائح مهمة، يحتاجها أى نظام يريد بالفعل أن يجمع ولا يفرق. لقد وضع البرادعى الكرة فى ملعب الرئيس مرسى، وعلى الرئيس أن يتخذ خطوة للقاء الرجل، والبحث عن مخرج من وضع سياسى معقد، ينبئ بغضب عام، ربما يأخذ الكل فى طريقه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة