كنت أطالع التقرير المنشور فى «اليوم السابع» عن حلقة المهندس خالد عبدالله فى قناة الناس والتى قال فيها إن المناضل التونسى شكرى بلعيد «ملحد» مبررا اتهامه بالإلحاد، قائلا: «وقيل إنه تبول على القرآن» وذلك فى إطار هجومه على من أشادوا بشخصية «بلعيد» بعد اغتياله، وللحق فقد أكد «عبدالله» أنه لا يدعو إلى قتل أحد ولا تكفير أحد، لكنه برغم هذا ظل يقول «ملحد.. يبول على القرآن» أكثر من مرة، وكأنه بذلك لا يكفره ولا يستعدى الناس عليه ولا يبرر لقتلته فعلتهم الخسيسة، ولأنى لم أكن أتوقع من أمثال عبدالله أقل من هذا التطرف، فقد انزلقت عينى إلى قراءة التعليقات على الخبر والتى هاجم فيها بعض القراء مثل هذه التصرفات وإلقاء الاتهامات بالاعتماد على مبدأ «قالواله» أما البعض الآخر فقد أيد «عبدالله» واعتبره يناصر الإسلام والمسلمين، لكن أبرز ما لفت نظرى فى هذه التعليقات؛ تعليقان أحدهم قال فيه كاتبه «شكرى بلعيد فعلن ملحد» بدلا من أن يقول «فعلا»، والآخر قال إن خالد عبدالله أحسن «مزيع»، بدلا من أن يقول «مذيع» وحينها تأكدت من أن هؤلاء ينصرون «الإزلام» وليس «الإسلام».
التعليقان السابقان ليسا دليلا على ضعف المستوى التعليمى لهذين المعلقين فحسب، وإنما يدلان على انحدار مستوى التعليم فى مصر كلها، ولا يعنى تصادف وجود هذه الأخطاء فيمن يؤيدون «عبدالله»، أنهم ينصرون الإسلام، إن كل من يدعون أنهم يناصرون الإسلام جهلاء بالعربية وحروفها، لكن ما لا يجب ألا ننساه هو أن الخطأ ربما يكون مقبولا منى ومنك ومن أى فرد عادى، لكن بالطبع لا يكون مستساغا إذا ما ورد على لسان من يدعى أنه يدافع عن القرآن العربى المبين وهو لا يعرف قواعد إملاء تلك اللغة التى نزل بها القرآن، والسؤال هنا هو: إذا كانت هذه الكتابة المشوهة هى كتابة من يدعون أنهم حملة الأمانة وحفظة القرآن، فكيف تكون قراءتهم؟ ثم كيف يكون فهمهم؟
المصيبة الكبرى هنا ليست فى أن يخطئ مثل هذا الخطأ شخص عادى، لكن فى أن تجده فى كتابة أحد من يدعون أنهم شيوخا وعلماء، فلا أتخيل أبدا أن يكون شيخ مثل «محمد سعد الأزهرى» الذى كان أحد أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور، لا يعرف الفرق بين حرفى «الزاى» و»الذال» فقد كتب فضيلته على صفحته على الفيس بوك بتاريخ 8 فبراير مهاجما «العلمانيين واليساريين والليبراليين قائلا «نحن الآن فى مرحلة الاستنارة، فالسب والشتم الذى نراه من العديد من العلمانيين والليبراليين واليساريين والإعلاميين وغيرهم يدل على أن الأدب والأخلاق «والزوق» من علامات الحقبة الظلامية» ولأنى لم أصدق أن يكون «الأزهرى» هو من كتب كلمة «الذوق» بحرف «الزاى» بدلا من الـ«ذال» حاولت أن أجد له تكذيبا أنه قال هذا ففشلت، ثم حاولت أن أجد له صفحة رسمية فوجدتها ووجدت تلك الكلمة موجودة للأسف بنفس الرسم، فقلت عليه العوض ومنه العوض.
ما نشهده من انتشار هذه الأخطاء على المواقع الإليكترونية والفيس بوك لا يدل إلا على انحدار التعليم فى مصر والذى ينذر بكارثة كبرى، من لا يصدق أن التعليم فى مصر يمر بأزمة حقيقية، بل إنه فى عز أزماته، وأنه وصل إلى مرحلة بالغة التدهور فلينظر إلى خطابات الدكتور محمد مرسى وحواراته باللغة الإنجليزية ليعرف أننا فى الدرك الأسفل من الوعى، وأن الخطر أحاط بنا وبأجيالنا القادمة، ذلك ليس لأن «مرسى» رئيس الجمهورية ولكن لأنه كان مسؤولا عن تخريج أجيال من المهندسين باعتباره أستاذ هندسة كان يقوم بتدريس هذا العلم «باللغة الإنجليزية» لشباب مصر، وعلى غرار ما علمنا إياه الدكتور مرسى من أن الـ «جاز آند آل كهول دونت مكس» فإنه كذلك «الإسلام ونصرة الإزلام دونت مكس».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة