أكرم القصاص

نظرية الكتكوت فى حكم الحشود

الجمعة، 15 فبراير 2013 07:04 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المواطن مربوط فى ساقية طوال النهار، يدور ويلف من الصباح للمساء بحثا عن الرزق والستر. يواجه من الصباح للمساء، زحاما وقطع طرقات ومترو معطلا وإضراب سائقين، وغلاسة الميكروباص والتوكتوك. حتى يخرج من بيته إلى عمله. وإذا نجا من حوادث القطارات والطرق، أو رصاص طائش هنا أو هناك سوف يحمد ربه على وصوله للعمل سالما.
ناهيك عن حسبة برما لضبط الموازنة بين دخل محدود وأعباء إضافية وعليه مواجهة ارتفاع الأسعار، والتعليم والدروس الخصوصية، ويدعو الله ألا يصيبه مرض، لأنه سيقتطع من قوته المزيد لتوفير العلاج. أو يضطر لأن يلجأ لمستشفى عام خال من العلاج، أو خاص لا يقدر عليه.
كان هذا هو موقف المواطن العادى طوال سنوات، ينظر حوله وخلفه، مشغول البال، يبحث عن مخرج بلا طائل. وكان التصور أن هناك أيادى خفية تحرص على أن يظل المواطن معلقاً فى ساقية، تمنعه من التفكير خارج الصندوق الضيق، إذا نجا من الزحام وقع فى الأسعار، وإذا تكيف مع الأسعار وجد نفسه فى فخ مصروفات العلاج ناهيك عن صراع يومى فى المواصلات والزحام. بالإضافة إلى اختراع صراعات بين المواطنين وبعضهم مع ضمان ألا تخرج المعارك والصراعات عن المحدد لها.
وكنا نتصور أن هناك «إدارة لعموم التنغيص» على المواطن، تمنعه من الانشغال بالسياسة أو الانتخابات، والبقاء معلقا فى ساقية مغلقة بلا نهاية. وكانت النتيجة أن الحزب الوطنى قضى سنوات يقرر للمواطن نوابه فى البرلمان، وممثليه فى الحكومة، وما يأكله ويشربه، ويزرعه، وأسعار السلع، وطريقة الحياة. دون أى فسحة للراحة. أو التفكير بما يخرج عن هذا.
وكانت هناك نظرية بوجود جماعة سرية تحكم مصر، وأن هذه الجماعة كانت تضم قيادات الأمن والأجهزة السيادية، والحكومة، تجتمع لتحدد كيفية جعل المواطن مشغولا، بلا أى فسحة للتفكير فى السياسة أو الاقتصاد، أو المنافسة مع من يديرون شؤون البلاد. وبجانبها نظرية كانت تتردد على أنها نكتة تقول إن جمال مبارك جلس مع والده ليتعرف منه على طريقة حكم كل هذه الجموع والمواطنين من كل الفئات فأخبره بنظرية الكتاكيت.
طلب مبارك من جمال إحضار قفص كتاكيت صغيرة، وطلب منه أن يفتحه لتخرج منه الكتاكيت، ولما فعل، طلب منه أن يجمعها، لكنه بذل مجهودا كبيرا وعجز طوال ساعات عن جمع الكتاكيت التى انتشرت وكانت تجرى بحيوية ونشاط. وبعد ساعات استطاع بالكاد جمع نصفها. وهرب الباقون. ثم طلب منه قفصا آخر به كتاكيت، وقبل أن يفتحه طلب منه أن يبدأ يرجه ويهزه ويلفه لمدة طويلة. وبالفعل قضى ما يقرب من الساعة يهز الكتاكيت بعنف وبهدوء. وطلب منه فتح القفص. وعندما فتح باب القفص، لم تخرج الكتاكيت الدائخة.
نظرية تدويخ الشعب وشغله بلقمة العيش وتفاصيل الحياة، والصراع مع بعضه لم تستمر وثار الشعب عليها، وبالرغم من ذلك ماتزال هناك جماعات سرية تمارس نفس الطريقة، فى شغل المواطن بصراع مع الحياة وآخر مع بعضه. وكأن نظرية الكتكوت مازالت مستمرة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة