البيضة أم الفرخة.. الاستقرار أم الحوار؟ هذا هو السؤال، ومعه حيرة كبيرة يقع فيها المواطن العادى الذى ليس لديه اتجاهات سياسية ولا ينتمى لحزب حاكم أو تيار معارض، هذه الحيرة تتعلق بالخطاب الذى تطرحه السلطة والمعارضة، وما يتعلق بالاحتقان السياسى والعنف والصدام، وانقطاع خطوط الاتصال.
السلطة ممثلة فى الرئاسة والحكومة والحزب الحرية والعدالة ومؤيديهم من الجماعة الإسلامية يرون أن المعارضة هى سبب الاحتقان، وأنها تحرض على العنف والتظاهر، وأن الرئيس والحكومة يحتاجون الاستقرار للعمل والتحرك. وقد رأينا فى مليونية نبذ العنف التى شاركت فيها بشكل رئيسى الجماعة الإسلامية وتيارات سلفية مؤيدة للنظام، وكيف أنهم من حيث أرادوا الإعلان عن نبذ العنف، وجهوا هجوما عنيفا لجبهة الإنقاذ، وقالوا إنها تريد حرق البلاد، وتدعم العنف والتخريب.
فى المقابل فإن المعارضة ممثلة فى جبهة الإنقاذ ترى أن الاستقرار يحتاج إلى تحركات سياسية من النظام لامتصاص أسباب الاحتقان، وأن استعادة التوافق السياسى، من شأنه أن يحقق الاستقرار وينتزع أى أسباب للتصادم. ويقولون إن الاحتقان والانقسام بدأ مع الإعلان الدستورى الرئاسى، ثم مع التعجل فى طرح دستور غير متوافق عليه، وبسرعة ومن دون استعدادات، وحتى بعض من شاركوا فى تفصيله لهم عليه اعتراضات. ويضربون مثلا بتعديلات يتم إدخالها على الدستور، ليكون أسرع دستور تم تعديله فى العالم، المعارضة ترى أن التمسك بحكومة فاشلة سياسيا واقتصاديا يضاعف الاحتقان، كما تتحدث عن قانون انتخابات يتم سلقه وتفصيله بكل العيوب التى كانت فى قوانين نظام مبارك.
وبين النظام والمعارضة يقف حزب النور السلفى الذى يحاول لعب دور الوسيط ويسعى طوال أيام لجمع النظام والمعارضة فى حوار وطنى يمكن من خلاله دراسة المطالب والتحاور حولها والتوصل إلى خيوط مشتركة. حزب النور شق لنفسه طريقا، ورفض المشاركة فى مليونية الإسلاميين المؤيدين، وهو نفسه يتفق فى مطالب تطرحها المعارضة، منها إقالة الحكومة وتعديل قانون الانتخابات، ووضع آلية لتعديل الدستور، بعيدا عن الوعود المطاطة، والكلام العام الذى ثبت أنه مجرد كلام.
وعليه ومن أجله نحن أمام موقف تبدو فيه الأبواب مغلقة، أو موقف ينطبق عليه المثل الشهير «البيضة أولا أم الفرخة»، النظام يشترط الاستقرار لإقامة حوار، والمعارضة ترى أن الاستقرار يأتى بالحوار والاستجابة لمطالب عادلة.
نظن أن المشكلة أنه لا توجد جهة يمكن اعتبارها حكما فى هذا الصراع المغلق، الطبيعى فى أى نظام سياسى، أن تضع الرئاسة نفسها فى موضع الحكم، وألا تكون طرفا فى أى صراع. لكن مانراه أنه من الصعب التفرقة بين الرئاسة والجماعة وحزبها، ومؤيديها من الإسلاميين. الرئاسة تبدو منحازة لجماعة الإخوان والحرية والعدالة، تدافع عن قراراته وسياساته، بينما كان يمكن للرئيس أن يقوم بدور الحكم الذى يمكنه التدخل لدى كل الأطراف لتكون الخيوط فى يده هو وليس فى أيدى تيار هنا أو شخص هناك، وهو ما يمكنه إنهاء سؤال البيضة والفرخة.