بالصدفة البحتة عرفت أن الشاب الذى يقف كل صباح على عربة الفول فى شارع جامعة الدول العربية بحى المهندسين خريج كلية التجارة منذ أكثر من 10 سنوات وتعب فى الحصول على وظيفه تؤمن مستقبله ومستقبل أسرته الصغيرة، فهداه تفكيره إلى «عربة الفول» ومع ذلك يتعرض يوميا لمضايقات موظفى محافظة الجيزة بحجة أنه يشوه المنظر الحضارى للشارع الفخيم!
جلس أمامى أثناء تناولى لطبق الفول الصباحى يشكو من ضيق الحال وصعوبة المعيشة وعدم حصوله على وظيفة تتناسب مع مؤهله الجامعى، صمت قليلا ثم فجأة قال لى «أنا برضه خريج تجارة زى عمر ابن الرئيس مرسى اللى اتعين فى وظيفة بـ34 ألف جنيه ولا عشان هوه ابن الرئيس، يبدو يا أستاذ أنه مافيش فايدة الفساد مستمر مافيش تغيير»، كلماتى له عن الكفاح والعمل والصبر لم تجد عنده سبيلا ولم يكن هناك بد إلا أن أقول له «عندك حق».
حكاية تعيين عمر محمد مرسى الحاصل فى العام الفائت على بكالوريوس تجارة فى الشركة القابضة للمطارات هى حديث كل أسرة تخرج أبناؤها وجلسوا ينتظرون الفرج وأغلقت كل الأبواب أمامهم للحصول على وظيفة، وكل رب أسرة الآن يسأل نفسه فى غضب «هل كان شرطا أن أكون رئيسا للجمهورية أو وزيرا للعدل أو مسؤولا كبيرا حتى يحصل ابنى على وظيفة بمرتب خيالى».
من حق عمر مرسى أن يجد وظيفة إذا كان أقرانه من ملايين الشباب العاطل توافرت لهم فرص العمل، ومن حق الرئيس مرسى أن يعمل ابنه لكن دون تمييز لأهله وعشيرته ودون نفاق حكومى صارخ من مسؤولى الشركة القابضة للرئيس وابنه.
ففى الخمسينيات والستينيات- وما ادراك ما الستينات- عينت إحدى شركات التأمين والد الرئيس جمال عبدالناصر عضوا بمجلس إدارتها فما كان من ناصر إلا أن استحلف أباه ألا يقبل وسأله سؤالا واحدا هل لو لم أكن رئيسا لمصر كانوا عينوك، فاعتذر الأب عن الوظيفة.
وعندما تخرجت هدى عبدالناصر فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية كان ترتيبها الثالث وكان القسم يحتاج إلى معيدين اثنين فقط وعرض البعض على وزير التعليم العالى فى ذلك الوقت أن يوافق على زيادة عددهم إلى ثلاثة ورفض خوفا من غضب عبدالناصر ولم تعين هدى معيدة فى الكلية.
كان عبدالناصر، رحمه الله، شديد الحساسية تجاه أى تمييز لأسرته وأهله، ومات ولم يكمل سداد أقساط شقة ابنته منى.. وما أدراك ما الستينيات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة