سعيد الشحات

الخروج من بوابات الجحيم «1»

الثلاثاء، 19 فبراير 2013 11:57 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سيكون جحيما كبيرا أن تعيش محشورا بين فهم جماعتك المغلق للنص الدينى، وتنفيذك لقرارها بتطبيق هذا الفهم بالعنف، ثم سؤالك الدائم: أين الصواب فى كل ذلك؟

هكذا كانت تجربة الزميل الصحفى والباحث ماهر فرغلى التى يسجلها باقتدار وشفافية لافتا فى كتابه القيم «الخروج من بوابات الجحيم - الجماعة الإسلامية فى مصر من العنف إلى المراجعات».

استغرقنى الكتاب الذى يقع فى 352 صفحة، خاصة أنه يمزج بين التجربة الذاتية لصاحبه داخل الجماعة الإسلامية فى محافظة المنيا، ودخوله السجن «13» عاما متصلة، وخروجه على أثر مبادرة وقف العنف للجماعة، والتى راجعت من خلالها قراءتها للواقع، ومراجعاتها لأصولها وقواعدها الفقهية فى التغيير.

فى سرد تجربة «ماهر» صدى لبيت الشعر الرائع للشاعر الكبير محمود درويش فى قصيدته الرائعة «هى أغنية»: نسيان أمر ما صعود نحو باب الهاوية.. هذا أنا أنسى بداياتى وأصعد ثم أهبط.. أين يمتحن الصواب؟

هذا المقطع الشعرى العميق يلخص تجربة الإنسان الذى يعيش بجسده على أرض، ويسكن عقله أرضا أخرى، فيطارد نفسه بأسئلة وجودية ومصيرية، حتى يعثر على لحظة الانتصار على ذاته، فيخرج إلى عالمه الطبيعى، وهذا بالضبط ما حدث لماهر فرغلى «السجين» لانتمائه للجماعة الإسلامية، ثم خروجه من السجن بعقل يقبل ما كان يرفضه من قبل.
حملته رياح القدر إلى مصلى صغير «30 مترا» يقع على الترعة الإبراهيمية فى مدينة ملوى بالمنيا، يتذكره ماهر: «كان الإعلان عن صلاة العيد فى الخلاء، والآخر عن فصول التقوية، وبالطبع من سيذهب سوى أمثالنا من أبناء الطبقة الفقيرة والمهمشة الذين لا يملكون أجرا وثمنا للدروس الخصوصية باهظة التكاليف».

من «المصلى» الصغير تضع يديك على الخلفية الاجتماعية التى أسست لـ«لمة» أبناء الفكر والتنظيم الواحد: «كان التعارف بيننا سريعا لأنهم لا يختلفون عنا كثيرا، فهم من جيل الطلبة والشباب الذين نشأوا فى مجتمعات تعانى التفكك والبطالة والاهتزاز، وتشكو من فقد الكثير من إرادتها المستقلة، مجتمعات محكومة بتناقضاتها الشديدة فى مستويات اللغة وطرائق التفكير، إنها المجتمعات التى أسهمت بشكل كبير وواضح فى تحويل أفكارنا بعد ذلك إلى واقع صنعناه بأنفسنا لكى ننسى واقعنا المعيش بمحركات من جيل الصحابة الأوائل»، هكذا يستحضر «ماهر فرغلى» البعد الاجتماعى فى تشكيل الأفكار والتنظيمات الحاملة لها.

يستعرض الكتاب تاريخ تأسيس الجماعة الإسلامية، بدءا من جامعة أسيوط المعقل الأول لها، وكيف حدث الانفصال بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين، وصارت جماعة يقودها مجموعة من الشباب مثل أسامة حافظ وصلاح هاشم وناجح إبراهيم وكرم زهدى، وفى عام 1978 وقع حادث فندق «القرنة» بأسيوط، حيث قام كرم زهدى ومجموعة من إخوانه باقتحام هذا الفندق وتغيير المنكر وفق روايتهم، وقد أصيب يومئذ ناجح إبراهيم، وكان هذا الحدث الرمزى يؤكد على حقيقة التوجه الجديد لهذه الجماعة.
.... يتبع








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة