نجح الرئيس محمد مرسى فيما فشلت فيه إسرائيل.. أقام الرئيس «خط بارليف» النفسى على الضفة الغربية للقناة بإعلانه لحالة الطوارئ فى محافظات بورسعيد والسويس والإسماعيلية نهاية الشهر الماضى دون غيرها من المحافظات التى شهدت مظاهرات غضب حاشدة ضد الرئيس وجماعته، واستعدى مدن القناة الثلاثة- مدن الصمود- التى قاومت العدوان الثلاثى فى 56 والإسرائيلى منذ 67 إلى عام 73 ووقفت سدا منيعا ضد محاولات الجيش الإسرائيلى لاختراقها والسيطرة عليها فى حرب أكتوبر المجيدة والالتفاف على الجيش المصرى ومعاركه فى سيناء.
الرئيس لم يقرأ تاريخ هذه المحافظات جيدا والأدوار البطولية الرائعة لأهلها التى أصبحت نموذجا مشرفا ومثالا فى الفداء والتضحية والصمود والبسالة، وما تمثله من أهمية استراتيجية للأمن القومى المصرى، وبدلا من احتواء غضبها كجزء من الغضب العام فى معظم محافظات مصر وعدم تمييزها بالعقوبة والانتقام، اختصها بحالة الطوارئ وحظر التجوال الذى تحداه أهالى مدن القناة وتحول إلى مثار للسخرية ومجال للترفيه ولعب الكرة مع أفراد القوات المسلحة وكسر «هيبة الدولة» التى افتقدت أدوات تنفيذ قرارها أمام إرادة أبناء مدن القناة وخاصة بورسعيد.
تكدس الإحساس بالظلم والتجاهل من الرئاسة تجاه محافظات القناة هو ما دفع بورسعيد يوم الأحد إلى إعلان حالة العصيان المدنى وغلق كل المصالح الحكومية وديوان عام المحافظة وعدد كبير من المصانع، ووقف حركة القطارات وتحطيم سيارات للشرطة وتعطيل منطقة الاستثمار، هذه ربما تكون أول حالة عصيان مدنى شامل فى مصر سواء كانت طواعية أو إكراها ضد الرئيس وإخوانه وتنذر بما هو أسوأ، وقد يمتد هذا العصيان إلى محافظات أخرى مثل كرة الثلج، وبالتالى إحداث فراغ للسلطة وشل مؤسسات الدولة فى ظل حالة العناد الرئاسى وعدم ظهور أى بوادر فى الأفق لحلحلة الجمود والاحتقان السياسى والاجتماعى والاستماع لصوت الشارع الغاضب بعيدا عن مظاهرات الحشد والتأييد بالأتوبيسات والوجبات والمياه المعدنية. الرئيس عليه أن يستشعر خطورة ما يحدث، فالوطن مهدد فى أمنه ووحدته، والعصيان إذا استمر فلن تفلح معه القبضة الأمنية، ومزيد من الدماء والضحايا يزيد من تعقيد المشهد وسيدفع ثمنه الجميع، ومصر تقف الآن على حافة الانهيار.. الرئيس مرسى لم يعد يمتلك رفاهية الوقت والمراهنة على استسلام الشعب المصرى ورضائه بالأمر الواقع, وهذا ما تراهن عليه أيضا جماعة الإخوان على طريقة النظام السابق ولكن أظن أن هذه الطريقة أثبتت فشلها فى 25 يناير. والرهان هنا على القبول بالأمر الواقع سيكون الخاسر فيه بالتأكيد الرئيس وجماعته.