الفارق بين ثورة 23 يوليو 1952 وانتفاضة 25 يناير 2011 كالفارق بين السماء والأرض، الحياة والموت، النار والنور، الضوء والظلام، الحقيقة والأكاذيب والأوهام، فبالرغم من أن ثورة يوليو كانت خالية تماما من كل معانى الديمقراطية طيلة حكم الرئيس عبدالناصر، لكن كانت دسمة بالعدل الاجتماعى، وهو ما كان يبحث عنه الشعب المصرى فى هذه الفترة، فلم يكن يريد ديمقراطية وهو لا يملك حذاء فى قدمه أو يجد قوت يومه، لقد رفعت ثورة يوليو شعارا عظيما هو «من لا يملك قوته لا يملك حريته» وهو ما جعل ثورة يوليو هى ثورة الفقراء.
ثورة يوليو تميزت بالإبداع فى كل المجالات الاجتماعية والفنية والأدبية والثقافية، حيث أفرزت فى مجال الفن صوت عبدالحليم حافظ، وكانت قمة تألق كوكب الشرق أم كلثوم، وقدمت السينما المصرية أجمل وأروع الأفلام السينمائيه مثل فيلم «الأرض» و«غروب وشروق» و«دعاء الكروان» وفى الأدب واصل الأدباء إبداعهم فقرأنا أجمل القصص والروايات لنجيب محفوظ وأروع الكتابات للعقاد وطه حسين، وغيرها من علامات الإبداع التى جاءت عقب ثورة الجيش العظيم.
أما إفرازات انتفاضة «ثورة» 25 يناير فحتى الآن متدنية ومتدهورة بشكل جعلنا جميعا نترحم على كل ما هو جميل، لقد أفرزت «ثورة» يناير كل ما هو قبيح، ويكفينا أن نجوم الطرب الآن هما «أوكا وأورتيجا» وكلاهما أفسد فى نوع ونوعية الغناء المصرى الأصيل وفى مجال السينما كان فيلم «عبده موتة» السيئ إنتاجا وفنا هو الآن النموذج فى تحقيق أعلى الإيرادات والأعلى مشاهدة، والسبب أن البطل هو بلطجى رغم أن نفس البطل قام بأداء دور البلطجى فى فيلم «الألمانى» قبل «ثورة» يناير، وفشل فشلا ذريعا، أما الآن فإن نموذج البلطجى هو المثل والقدوة لشباب ما يعرف بثورة 25 يناير وتحول إلى بطل شعبى، والألتراس والبلاك بلوك إلى فرسان الثورة، وانحدر الذوق المصرى فى كل شىء بداية من الملبس والمأكل والمشرب والطرب والاستماع والمشاهدة والحوار فى الشارع والبيت والمصنع، كل شىء لم يعد جميلا أو عظيما، هذا هو الفارق بين نتاج ثورة يوليو العظيمة وانتفاضة يناير البائسة، وحتى الآن لم نر إبداعا فى أى مجال عقب «انتفاضة» يناير، وهو ما يجعلنا نؤكد على أن القادم أسوأ، وأن انحدارا كاملا فى كل شىء سيصيب الوطن والمواطن فى كل المجالات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة