اقرأوا الفاتحة على روح جبهة الإنقاذ إذا لم تتسلح بالوضوح والشفافية، وودعوها إلى مثواها الأخير إذا ظلت فى حالة الغموض والالتباس والمناورة، فالقضية ليست أن تحصل الجبهة على نصيبها من الكعكة، أو أن يرضخ الإخوان لمطالبهم ويحجزوا لهم كوتة من المقاعد، كما حدث فى انتخابات البرلمان المنحل، فيصمتوا ويبرروا ويتحالفوا ويصبحوا هم والإخوان سمنا على عسل، القضية هى مستقبل هذا الوطن الذى يكتنفه الغموض ويرتد إلى الوراء فى معركة التحول الديمقراطى.. «الفأر يلعب فى عب الحقيقة» من مفاوضات الفنادق المغلقة بين أعضاء بارزين فى الجبهة وقيادات الحرية والعدالة، ويتم خلالها تبادل وعود المنافع الشخصية، ومن استقطاب رموز الجبهة بعهود يسيل لها اللعاب وجلّ من لا يضعف، ومن النبأ الذى تسرب حول عرض منصب رئيس وزراء حكومة الإنقاذ على الدكتور البرادعى.. ومن مفاوضات الصفقات الانتخابية والمناصب الوزارية.. ومن الانشقاق الحاد بين قيادات الإنقاذ من ناحية وبينهم وبين أجيال الشباب من ناحية أخرى..ومن حالة الخوف العام الذى يسود نجوم الإنقاذ البارزين بعد هجوم الإخوان عليهم واتهامهم بتقديم الغطاء السياسى للعنف والتخريب..ومن ارتباك المشهد السياسى برمته.
اقرأوا الفاتحة على روح جبهة الإنقاذ إذا تصورت أن حزب النور هو الريشة التى يتعلق بها الغريق، فهم واهمون ومخدوعون لأن الخلاف الظاهر بين النور والإخوان ليس إلا مجرد عتاب بين الأحباب.. «الفأر يلعب فى عب الحقيقة» إذا ارتكبت جبهة الإنقاذ جريمة الغباء التاريخى وقررت مقاطعة الانتخابات، فهى تترك الساحة كاملة للإخوان والنور والإسلاميين «بركه يا جامع» مثلما فعلت فى الاستفتاء على الدستور، وأثبتت التجارب التى سبقت الثورة أن الشعوب ذاكرتها ضعيفة، وأن الأحزاب التى تُقاطع يأكلها النسيان، فلا بديل عن النضال السياسى واستثمار تراجع شعبية الإخوان، والقتال وراء كل صندوق انتخابى لمكافحة التزوير، وقبل ذلك حسن اختيار مرشحيها.. إنها الفرصة الأخيرة فى «ديمقراطية عبادة الصندوق»، وبعد انتخابات البرلمان يجب أن تستقر الأمور وتهدأ الأوضاع لتتفرغ البلاد لمعركة التنمية والبناء، وإن لم يحدث ذلك بأقصى سرعة فسيدخل الجميع نفقاً أشد إظلاماً من الوضع الحالى، لأن الجماهير التى تعشمت خيراً فى تحسين أحوالها المعيشية فاض بها الكيل ولن تستطيع الصبر أكثر من ذلك، وإذا انفتح طوفان العشوائيات والفقراء فسوف يجرف فى طريقه الجميع، وساعتها لن ينفع «الصندوق» فائزاً أو مهزوماً.