عادل السنهورى

فن الحماقة السياسية

الأحد، 24 فبراير 2013 10:52 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان عنده حق عمنا أبوالطيب المتنبى عندما قال: «لكل داء دواء يستطب به، إلا الحماقة أعيت من يداويها»، فالحماقة ورعونة التفكير أصبحتا سمة، ولافتة مميزة لكل القرارات السياسية الصادرة فى مصر خلال الشهور الماضية. والحماقة السياسية التى نعيشها يتميز صاحبها بمواصفات وخصائص استثنائية، فهو- كما قالت العرب قديما- إذا استغنى بطر، وإن افتقر قنط، وإن قال فحش، وإن قيل له لم يفقه، وإن فرح أشر. ويعرف بالعجلة والخفة والجفاء والغرور والسفه والجهل، والغضب من غير شىء، والإعطاء فى غير حق، والكلام من غير منفعة، ولا يفرق بين عدوه وصديقه، ويتوهم أنه أعقل الناس، مع أنه عدو نفسه بما يسببه لنفسه من الضرر. وماذا إذا كان هذا الضرر يصاب به وطن بأكمله؟
راجعوا كل القرارات الأخيرة، بما فيها قرار الدعوة إلى إجراء الانتخابات البرلمانية فى نهاية إبريل المقبل، وقارنوها بمقياس الحماقة السياسية التى أعيت من حاول مداواتها، وأصابته بالألم والحيرة من جدوى صدورها، وما الداعى لها إذا كانت فى غير مصلحة الوطن الذى لم يعد يتحمل صدمات وحماقات أخرى منذ أن تنحى مبارك، أودت به إلى حالة تشرذم وانقسام سياسى واجتماعى وانهيار اقتصادى، وحالة غضب شعبى متصاعد فى كل أرجاء البلاد، وعصيان مدنى فى مدن القناة وغيرها، ودماء شهداء لم يقتص لها، ومع ذلك تتجاهل آلة « الحماقة السياسية» كل ذلك، وتقفز بقراراتها الرعناء المتسرعة إلى الأمام فوق الوضع الشديد التأزم والتعقيد والقابل للانفجار فى أى لحظة يرونها عنهم بعيدة، وهى أقرب ما تكون من أى وقت مضى، وكأن لا أحد فى الوطن غيرهم، ومن لا يعجبه «يبلط البحر»، كما يقول الإخوة فى بلاد الشام.

ففى الوقت الذى نصح الجميع فيه بتأجيل الدعوة للانتخابات إلى حين هدوء الأوضاع المشتعلة فى بورسعيد، وباقى مدن مصر، وتحقيق الاستقرار الأمنى، وتهيئة الأجواء المناسبة، وتحقيق الضمانات الكافية للنزاهة والشفافية الانتخابية، تفاجئنا ذات الآلة بقرار الدعوة للانتخابات فى ظل أجواء سياسية واجتماعية متفجرة، وأوضاع اقتصادية سيئة، فجاء القرار ليعقّد المشهد أكثر وكأنه «يخرج لسانه للجميع» دون وعى حقيقى بخطورة الموقف، وحتى عندما أصدره بتسرع وارتجالية لم يراع أن مواعيد المرحلة الأولى تتعارض وأعياد الإخوة المسيحيين، وكأنهم ليسوا موجودين وشركاء فى الوطن.. سحقا للحماقة التى أعيت الشعب كله.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة