كرم جبر

وطن بلا تعذيب !

الأحد، 24 فبراير 2013 09:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أصدق الحكايات المروعة عن التعذيب الذى يتعرض له الشباب فى معسكرات الأمن والسجون وأقسام الشرطة عقب القبض عليهم فى الأحداث الأخيرة، حكايات - لو صدقت - يشيب لها الولدان وتقشعر منها الأبدان، من ضرب وسحل وتعذيب وخلع ملابس واعتداءات جنسية، وعنف مفرط لكسر كرامتهم وإصابتهم بعقد نفسية وإذلالهم وتحطيمهم، ولو صدقت التفاصيل الأخرى المخجلة المدونة على صفحات التواصل الاجتماعى وفى تقارير مراكز حقوق الإنسان، فهى كفيلة أن تُلحق الخجل والعار بهذا الوطن الذى ارتضى السكوت على جرائم بشعة فى حق الإنسانية، ربما لم يحدث مثلها إلا فى عهود أشد المستعمرين همجية وسادية.

ليس من مصلحة حاكم ولا نظام أن يصمت عليها أو أن يدير ظهره لها، لأنها ستبقى مثل لعنة الفراعنة على من ارتكبها ومن صمت عليها ومن أعطى الضوء الأخضر للقيام بها، ولا سبيل غير إجراء تحقيقات واسعة ومحايدة وشفافة تتناول كل الوقائع والتفاصيل، لبيان صحتها من كذبها وهل حدثت بالفعل أم هى محض إدعاءات وافتراءات، فمهما كانت الاتهامات المنسوبة لهؤلاء الشباب لا ينبغى أبدا أن يتعرضوا لأى من صنوف الإيذاء البدنى أو المعنوى، ولا يجب إخفاؤهم عقب القبض عليهم فى أماكن مجهولة، يعانون الخوف والتوتر فى معسكرات موحشة وزنازين قذرة، وإجراءات تعسفية خارج إطار القانون والدستور.

القانون هو السيد الذى يجب أن يعاملوا به، وليس بقانون بعض المتشددين من رجال الشرطة الذين يتصورون أن بينهم وبين هؤلاء الشباب ثأر ودم، وهذا يعنى أن كل متهم يجب أن يعلم فوراً أسباب القبض عليه، وأن يتصل بأهله وذويه ومحاميه وأن يوضع فى مكان آمن ومعلوم، ولا يتعرض لأى نوع من الإيذاء البدنى أو الجسدى، وأن يختفى إلى الأبد زوار الفجر الذين غرسوا خنجراً مسموماً فى قلب هذا الوطن، وأن نشطب من القاموس عبارة "وراء الشمس"، وغيرها من الموروثات العتيقة للشرطة التى كانت سبباً أساسياً فى قيام الثورة، وقيام الناس بحرق واقتحام الأقسام.

ليست هذه هى الشرطة التى نريدها ويريدها المصريون، إنهم يريدون شرطة عادلة فى الحق ومنضبطة فى تطبيق القانون نصاً وروحاً، شرطة وطنية لا تنتصر لحزب أو جماعة ولا تشهر سلاحها فى وجه المتظاهرين السلميين، ولا تعمل إلا لوجه الله ومصلحة الوطن وسيادة القانون، وإذا أثبتت التحقيقات المحايدة أن بعض عناصرها قد ارتكبوا تلك التجاوزات الصارخة ضد الشباب، فيجب أن تكون الشرطة نفسها هى البادئ بتطهير صفوفها من الجلادين وأن تتبرأ منهم وتتوب من أفعالهم، لأنهم أغبياء لم يستفيدوا الدرس ولم يستوعبوا ما حدث، ويتصورون أن يد العدالة الباطشة لن تطالهم ولن تقتص منهم.

قصص وحكايات تثير الخجل والعار وتطيّر النوم من العيون، وانحرافات وتجاوزات - لو صحت - تسقط دولا وأنظمة وتقوض أركان حكم، ومن مصلحة النظام الحالى أن يحقق فيها بكل شفافية، ليتبرأ منها ويحاسب مرتكبوها إذا وقعت، أو أن يقدم للرأى العام شهادة إبراء ذمة، حتى تصبح بلدنا "وطن بلا تعذيب".





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة