اقتربت انتخابات مجلس النواب، ومعها الجدل المتكرر الذى كان يدور أيام مبارك، تم إقرار قانون الانتخابات، ودعا الرئيس الناخبين، وبدا هناك تصميم على الانتخابات، بينما المعارضة ممثلة فى جبهة الإنقاذ ترفض القانون، وتنتقد التعجل، وتقسيم الدوائر الظالم، وترى أن هدف الإخوان الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان بأى طريقة، وباستخدام نفس آليات النظام السابق.
ويرد الإخوان والنظام بأن المعارضين يريدون العملية الديمقراطية، لأنهم يخافون خوض الانتخابات، لعلمهم أنهم لايمتلكون شعبية تمكنهم من المنافسة بين الطرفين اللذين يمتلك كل منهما وجهة نظر، وانتقادات للطرف الآخر. وكأننا عدنا عامين للوراء.. نفس الجدل والاتهامات، فقط تبادل الأماكن، جزء من المعارضة أصبح سلطة، وبقى الجزء الآخر معارضة.
نظام مبارك كان يصر على عقد الانتخابات، ويقسم على نزاهتها، والمعارضة كانت تصر على المقاطعة، وتقسم على تزويرها.. كانت الانتخابات تتم، لكنها تأتى بأسوأ الأشخاص للبرلمان.. ما الذى تغير لنتوقع جديدا، طالما السلطة هى نفسها، والمعارضة أيضا ؟.. وهل كان العيب فقط فى تزوير الانتخابات؟.
البعض يرى أنه كان هناك ماهو أخطر، وما نسميه «سرقة الإرادة قبل الصندوق»، حيث يتم التلاعب فى القاعدة الانتخابية من المنبع، ويتم استخدام الرشاوى الانتخابية، واللعب فى قاعدة الفقراء، واستغلال حاجتهم وعدم معرفتهم. حيث القاعدة لاتمتلك خبرة فى لعبة السياسة والصناديق، وغالباً تجد من يقنعها بأنه ليس هناك أفضل من النظام القائم والمفروض.. وينسون أنهم مع كل الدعايات لمشروع سياسى، لم يقدموا حتى الآن نموذجا لهذه الوعود، حيث مشروع النهضة بلا ملامح، وفشلت الجماعة فى تقديم نموذج واكتفت باختراع كلام عن مؤامرات بلا دليل.
المعارضة ترى أن الإخوان الذين كانوا يشكون من النظام الانتخابى الفاسد والظالم أيام مبارك، يدافعون عن نفس القواعد، مكتفين بإدخال بعض التحسينات الشكلية. ويتحدثون عن احترام الصناديق، لأنهم متأكدون أن النظام الانتخابى يسمح لهم بالفوز فى انتخابات بلا قواعد، ويواصلون شيطنة المعارضة، والتشكيك فى نياتها. حيث الجماعة تتهم البرادعى بالعمالة والسعى لصناعة الفوضى، مع أن الجماعة جمعت 600 ألف توكيل للبرادعى ضد مبارك.. اليوم يتهمونه بأنه يعمل لحساب الفوضى، تماماً مثلما كان مبارك يفعل.
بالطبع هناك أزمة تواجهها تكوينية لدى المعارضة، ويرى الإخوان إنها تستطيع الحشد للمظاهرات، ولا تقدر على الحشد للانتخابات، وأنها تدعو للمقاطعة من دون أى بدائل أو قابلية للحوار، ولأنه لايمكن أن تبقى الدولة بلا مؤسسات تشريعية.
وهناك مشكلة تكوينية لدى المعارضة، أنها تواصل الدعاية المضادة من القاهرة، من دون فعل حقيقى على الأرض، وكان عليها أن تنزل المحافظات، وتعقد مؤتمرات حتى يمكنها أن تبنى قواعد حقيقية، مع دعم المجتمع المدنى والأنشطة السياسية الحقيقية التى يمكنها أن تقود لظهور أجيال تمتلك مصداقية فى المحافظات، من دون أن تمتلك إمكانات.
عدنا إلى جدل يتكرر، تقف السلطة فى مواجهة المعارضة، تغيرت الوجوه، وبقيت الأزمة قائمة. مع لعبة الصناديق السياسية.