المشاركة فى رأى "جبهة الإنقاذ" بمثابة استكمال منح صكوك مزيفة لما يسمى "شرعية الصندوق" الذى يحتكر الإخوان مفاتيحه، لأن النتيجة معروفة سلفا فى ظل الأوضاع الحالية، ولن تسفر إلا عن هزيمة جديدة، وخروجهم مهزومين، يلعقون جراحهم دون أن يجدوا من يضمدها، ويرفعون رايات الندم فى وقت لا ينفع فيه ندم.
ففى رأيهم أن الانتخابات سيتم تزويرها لا محالة، بالتدخل المباشر فى الصناديق، بالوسائل المصرية العتيقة، مثل التسويد وحجب الناخبين وسطوة المندوبين والورقة الدوارة وإشراف غير القضاة وغيرها، أو بالوسائل غير المباشرة مثل الزيت والسكر والشاى وتوظيف الدعاية الدينية، واستخدام سلاح اللوريات لحشد الناخبين وإنحياز الإدارة والمحافظين، و"الإنقاذ" لا حول لها ولا قوة ولا تمتلك شيئاً من هذه الأسلحة.
المقاطعة – إذاٍ - تنقذ ماء وجهها وتحفظ قوتها الافتراضية المدعومة بالمؤتمرات والتظاهرات والانتشار الإعلامى وميدان التحرير، وتحفظ كرامة "رموز الإنقاذ" فى مواجهة تيار الشباب المتدفق بالحماس والحيوية والمطالب التى يرتفع سقفها يوماً تلو الآخر، ولذا جاء قرار مقاطعة الانتخابات رداً على السيناريو الأسوأ، بسبب تعنت الإخوان وإصرارهم على تمرير القوانين التى تحكم قبضتهم على مفاصل الدولة، ولا تترك لهم شيئاً من الكعكة، خصوصاً وأن البرلمان القادم هو حصان طروادة فى معركة التحول الديمقراطى، غير واضحة المعالم حتى الآن.
المقاطعة على هذا النحو ليست سوى "انسحاب" بأقل قدر من الخسائر، فإذا استجاب الإخوان لضغوط الإنقاذ، وقرروا ترك حصة مناسبة لهم فى مقاعد البرلمان، خير وبركة، أما إذا استمرت "الجماعة" فى عنادها وإصرارها على استكمال مسلسل الأخونة، فهم يبرأون أنفسهم أمام الرأى العام ويغسلون أيديهم من نتائج انتخابات معروف نتائجها سلفا.. لماذا؟
لأن تجارب العامين الأخيرين تؤكد أن الناخبين كلما اشتدت معارضتهم للإخوان.. انتخبوا الإخوان.
المشاركة نار والمقاطعة نارين.. وربنا يدينا ويديكم الصحة وطول العمر بعد خمس سنوات فى انتخابات جديدة، إذا ظل الوضع على ما هو عليه، ولكن سيتغير حال ويتبدل حال وتختفى وجوه وتظهر وجوه، ولو جئنا بأمهر العرافين فى الكرة الأرضية ومعهم كبار أساتذة التنبوء بالأحداث، فلن يستطيعوا أن يحددوا شيئاً على خريطة مستقبل مصر بعد خمس سنوات، غير شىء واحد أقوله على مضض وبكل أسف وأسى هو "المقاطعة = الاختفاء".. ونلتقى بعد الفاصل!