الحوار غير الكلام، والتصريحات غير الأفعال. وقد تفرجنا ومازلنا نتفرج على أغرب حوار سياسى. لا نقصد به الحوار الذى شاهدناه على الهواء برئاسة الرئيس، وعضوية الأعضاء، لكنى أقصد حوارا دائرا منذ شهور بين الرئيس والجماعة فى جهة، والمعارضة من جهة أخرى. كل منهما يطرح وجهة نظره بكل تفاصيلها، من دون أن يلتقيا. ولو كانت هناك رغبة فى الحوار، لاعتبر الرئيس ما تقوله المعارضة وجهة نظر وأخذ بها، بدلا من حالة «الحنشصة» والكيد، وتلقيح الكلام من كل جانب على الآخر.
ظلت جبهة الإنقاذ طوال أسابيع تطرح مطالبها فى ضمانات للانتخابات، وتعديلات على القانون قبل سلقه، ووقف حالة «القرطسة» التشريعية والسياسية، والتخلى عن حكومة هشام، واستبدالها ولو حتى بحكومة «هيثم»، وإزالة النائب العام المعين، وتعيين آخر طبقا للدستور.
وبدلا من أن تتفاعل الرئاسة مع هذا الكلام، ظل الرئيس وقيادات جماعة الإخوان يردون باتهام المعارضة بأنها تريد فرض شروط مسبقة، وأنها وراء العنف والتسخين والتظاهر، ثم رأينا الرئيس يقول إنه ليس ضد الحوار، ولا ضد المعارضة، وإنه يرحب بحوار مع المعارضة، ومستعد للاستماع. وعندما التقى الرئيس الأحزاب الصديقة، قالت نفس ما كانت تطرحه جبهة الإنقاذ، ومع هذا لم تأخذ الرئاسة بالمطالب، الأمر الذى أغضب المتحاورين الأصدقاء، ليعود الحوار إلى ما قبل الصفر.
ورأينا حزب النور قبل أسبوعين يحاول لعب دور الوسيط، ويسعى لجمع النظام والمعارضة فى حوار. وأعلن «النور» اتفاقه مع مطالب المعارضة، ومنها إقالة الحكومة، وتعديل قانون الانتخابات، ووضع آلية لتعديل الدستور، بعيدا عن الوعود المطاطة، ووضع ضمانات للانتخابات.
ولو كانت الرئاسة جادة لقبلت الوساطة وانتهى الأمر، لكن الرئيس تجاهل هذا، ربما لخوف الجماعة من أن يربح حزب النور نقاطا سياسية، خاصة أنه المنافس الأكبر للجماعة، بالإضافة إلى أن النور اتهم الجماعة بممارسة الأخونة، وزرع رجالها فى مفاصل الدولة، وهى نفس اتهامات المعارضة. ولم تكتف الرئاسة بذلك، بل بدأت حربا على «النور».
نحن أمام حوار ومطالب واضحة، يقابلها طناش رئاسى، ومحاولات لكسب الوقت الضائع، والدوران فى المكان. والنتيجة ماحدث أمس الأول، حيث أعلنت جبهة الإنقاذ الوطنى مقاطعة الحوار والانتخابات، بينما الرئاسة جلست فى حوار ردد فيه بعض المجتمعين الجادين نفس مطالب المعارضة. ورأينا رئيس حزب النور يونس مخيون يطرح نفس مطالب المعارضة عن غياب الضمانات، والاستيلاء على المناصب.
الرئاسة تعمل بطريقة «باكينام» والترزية تحت التمرين ممن يبغبغون ولا يتحاورون، ويتجاهلون الموضوع الرئيسى ليقفزوا إلى الهوامش. ثم رأينا جبهة الضمير التى يفترض أنها محايدة وليست منحازة، حسب كاتالوج إنشائها، تدخل طرفا فى فريق اللاعبين حول الرئاسة، ضمن حالة الحياد المنحاز. والنتيجة أننا نتفرج على مشهد مكرر يظل فيه السؤال: «البيضة أم الفرخة؟».. حوار صديق للبيئة ضار بالصحة والسياسة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة