فى الوقت الذى تبادر فيه مؤسسة الأزهر الشريف إلى إطلاق المبادرات والوثائق التى تدعو إلى نبذ العنف، ولم شمل الفرقاء السياسيين، للخروج بالبلاد من النفق المظلم الذى تعيشه مصر، بعد حكم الإخوان، والدعوة إلى الحفاظ على أمن واستقرار الوطن، نفاجأ ببعض من ينتسبون للمؤسسة العريقة التى تعبر عن الإسلام الوسطى فى العالم الإسلامى يطلقون فتاوى تدعو إلى العنف وإهدار الدم، وتكفير كل من يخالفهم فى الرأى دون محاسبة ومراجعة ومعاقبة إذا لزم الأمر من القائمين على المؤسسة التى ينتمون إليها ويقومون بالتدريس لطلابها.
وخلافا لما دعا إليه الأزهر فى وثيقته الأخيرة لنبذ العنف وحق الإنسان فى الحياة وعدم إراقة دمه أو إهانته والحفاظ على كرامته يخرج علينا الأخ إياه بتاع «هاتولى راجل» وهو يعمل فى جامعة الأزهر كأستاذ للبلاغة، كما يقدم نفسه فى إحدى القنوات الدينية. لقد طالب الأستاذ الأزهرى فى فتواه العلنية، بقتل كل من يطالب بإسقاط الرئيس وإهدار دمه قائلا بالنص: «إن كل من يطلب كرسى الحكم من الرئيس محمد مرسى، وينازعه على ذلك، وكل من يريد إسقاط الرئيس، علينا أن ندفعه عن ذلك القول والفعل بكل السبل، وإن لم يتم دفعه عن ذلك، فيصبح قتله واجباً ودمه مهدراً، ويجب تطبيق القانون بشكل حازم».
انتماء أمثال محمود شعبان، وعبدالله بدر وغيرهما إلى الأزهر الشريف يضع مصداقية المبادرات التى تطلقها المؤسسة العريقة على المحك، ففضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب يدعو فى وجود القوى السياسية والثورية كافة إلى نبذ العنف بكل صوره وأشكاله، وإدانته الصريحة والقاطعة، وتجريمه وطنيا ودينيا، وإدانة التحريض على العنف، أو تسويغه أو تبريره، أو الترويج له، أو الدفاع عنه، أو استغلاله بأية صورة، وهناك من أهل أزهره من يروجون للعنف والتحريض على القتل ليل نهار دون حساب أو عقاب أو مراجعة.
بيت الأزهر يحتاج أولا إلى تطهير وانضباط من الداخل، حتى تكتسب وثائقه ومبادراته الثقة والمصداقية، ولابد من وقفة مع من ينتسبون إلى المؤسسة الوسطية العالمية بأفكار تدعو إلى التحريض والإهانة وسفك وإهدار الدماء فى قضايا سياسية ويوفر لهم المناخ السياسى الحالى فى مصر غطاء سياسيا يحتمون به. هذه الدعوة أوجهها إلى فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذى يبذل جهودا ملموسة للحفاظ على مكانة الأزهر كمنارة للإسلام الوسطى ودوره الدينى والوطنى والتاريخى.