محمد حسين 23 سنة شارك فى أحداث الثورة منذ أول يوم، وأعطى صوته للرئيس مرسى، وبعد عدة أشهر اتفق مع زملائه من الشباب أن يطلقوا صفحة على الفيس بوك باسم «إخوان كاذبون»، وتحول هو إلى أدمن للصفحة، بعض أقاربه من الإخوان عاتبوه وانتقدوه وهاجموه، لكنه كان له رأيه المستقل ومنطقه وتبريره، وهو نفس المنطق الذى جعله يرفض الانخراط فى أى حزب رغم وجود أصدقاء له فى التيار الشعبى وحزب الدستور.. محمد حسين كانت شهرته كريستى، وكتب على صفحته يوم 25 يناير أنه سينزل فى مسيرة لقصر الاتحادية، وكتب أنه يشعر بأنه سيموت، وقال أتمنى أن تكون لى جنازة مثل جنازة جابر صلاح الشهير بـ«جيكا»، وتحقق نصف حلمه، لقد أصر والده أن تتم الصلاة عليه فى مسجد السيدة نفيسة وبدون مسيرات، لكن أصدقاءه مشوا فى جنازته بعشرات الألوف وهتفوا بأنهم سيثأرون له ولكل شهيد قتل برصاص الغدر، الشهيد الثانى الذى قتل أمام قصر الاتحادية مساء الجمعة الحزينة كان هشام حسنين 23 سنة أيضاً، ووالده يقول إنه ليس له علاقة بالسياسة، وإنه كان يركب سيارة مع أحد أصدقائه ويمر من الشارع حين أطلقت عليه رصاصات أودت بحياته.. وهنا لابد أن نتوقف أمام شهادة رامى مصطفى صديق محمد كريستى، وهى أخطر شهادة تؤكد تورط الشرطة أو بالتحديد الأمن المركزى فى قتل المتظاهرين عمداً ومع سبق الإصرار والترصد، يقول رامى: «إنه خرج معه فى مسيرة من رابعة العدوية أمس الأول متوجهاً إلى قصر الاتحادية وفى الثامنة والنصف مساء تقدمت أربع مدرعات من أمام قصر الاتحادية إلى الجهة المقابلة لبوابة نادى هليوبوليس وخرج من كل مدرعة ضابط يحمل سلاحه، وأطلق الرصاص صوب المتظاهرين، ليسقط «محمد» برصاصتين إحداهما بالرقبة والأخرى بالصدر.. وأضاف «رامى» لـ«الوفد»: توجه زميلنا «عمرو» لإنقاذه فلقى مصرعه.. ورفض رامى المزايدة على أسرة محمد التى تنتمى لجماعة الإخوان قائلا: «لا نريد أن نزايد على أهل محمد، فكفانا أن يكون محمد من شهداء الثورة الذين انتفضوا ضد جماعة الإخوان ورئيسها محمد مرسى»، إذن هذه شهادة حق من صديق الشهيد محمد، ولا أعلم هل وصلت شهادته لمكتب النائب العام أو أية جهة تحقيق فى مصر أم لا؟ لا أعلم هل قرأ وزير العدل المحترم الشريف الذى تفرغ للهجوم على المعارضين وصفع الموظفين أم لا؟ لكن كل ما أعلمه الأن أن كلام رامى وثيقة خطيرة باعتباره صديقا ورفيقا للشهيد محمد كريستى الذى أصر على إعلان تراجعه عن تأييد الإخوان وإصراره على أن يكون أدمن صفحة «إخوان كاذبون»، إذن نبوءته لنفسه وشفافيته البراقة أنه سوف يستشهد يوم نزوله فى مسيرة الاتحادية.. لقد تمنى محمد الشهادة ونالها وسوف تخرج بعض الأصوات الإخوانية لتقول إنه شهيد الإخوان وسوف يرد أصحابه ورفاقه بأنه كان أدمن صفحة تهاجم الإخوان وكل خوفى فى هذا السجال العقيم أن يضيع حقه وأن يذوب القاتل أو القتلة دون قصاص.. ومرة ثانية وعاشرة أذكركم بعبارة نجيب محفوظ فى الثلاثية «الثورة يحلم بها الشعراء ويصنعها الفرسان والشجعان ويحصد ثمارها الجبناء»، الله يرحمك يا محمد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة