لا أشك لحظة فى أن كل طغاة العالم يقرؤون فى كتاب واحد، يقولون نفس الكلمات، يتشنجون نفس التشنجات، يبررون إجرامهم بنفس الحجج، يطلقون على أنفسهم نفس الألقاب، يحاربون خصومهم بنفس الأسلحة والأساليب، يبتكرون نفس الحكايات، ينظرون يتحدثون يشيرون بنفس الطريقة، لذا لا تتعجب إن رأيت الفوارق تضيق بين الطغاة حتى ولو كانوا يقفون فى معسكرين متضادين، ولا تتعجب إن رأيتهم يخاطبون أتباعهم بنفس خطاب خصومهم لأتباعهم، فمعركتهم الكبرى ليست فى الانتصار لـ»الحق» وإنما فى أن يصوروا (فقط) للعالم أن الحق معهم وحدهم أينما كانوا وكيفما أرادوا.
انظر إلى حملة التشكيك والتخوين والتشويه التى يقودها الإخوان المسلمين بآليتهم الإعلامية المضللة الجبارة ضد شخصين اثنين هما حمدين صباحى ومحمد البرادعى لتتأكد من أنهم نسخة طبق الأصل من مبارك بل من كل طغاة العالم، فمن حيل الطغاة الذين يشعرون بأن المركب تغرق من تحت أقدامهم أن يشوهوا من يظنون أنهم منافسوهم، وبدلا من أن يحاولوا إصلاح أنفسهم أو الاستجابة إلى مستحقات الشعب يعملون ليل نهار على خلخلة الثقة فى قادة رموز معارضتهم، لكى يجد الشعب نفسه مضطراً لقبول طغاته على طغيانهم وعيوبهم القاتلة بنفس الحجة القذرة «اللى تعرفه أحسن من اللى ماتعرفوش» و«لو مرسى مشى مين اللى هيجى يعنى؟» فمازال «صبيان» الإخوان فى الشوارع والمساجد يرددون نفس الأباطيل التى كان «صبيان مبارك يرددونها عن البرادعى ويتهمونه وهم يعرفون أنهم على باطل بأنه تسبب فى احتلال العراق، وأنه مدعوم من أمريكا التى يبدو للواحد من كثرة مندوبيها إلى الجماعة، أنها حجزت لها مقعداً فى مكتب الإرشاد.
كل هذا كوم وما تتفنن الجماعة فى رمى حمدين صباحى به كوم آخر، فقد شكّل صباحى لهم مشكلة حقيقية، فتاريخه الناصع ومواقفه الشهيرة قبل الثورة جعلته فوق مستوى الشبهات، لذلك اضطرت إلى فبركة الأخبار والحكايات لتشوه سمعته مثل ذلك الخبر المشبوه الذى يدعى كذبا أنه تحالف مع إيران أو تلك القصة الخيالية التى ابتكرها أحد أتباع الإخوان زاعماً أنه قال شاهد حمدين يقول لوفد الاتحاد الأوروبى لا تستثمروا فى مصر، وتبين بعد ذلك على لسان رئيس الوفد أن هذا الشخص «خيالى» وأنه لم يقابل الوفد الأوروبى وأن القصة كلها كذب فى كذب، ولعل من أطرف المقولات التى يشوه الإخوان بها حمدين صباحى هى تلك المقولة التى تدعى أن «حمدين اتكشف» وأنه يريد أن يكون رئيساً وخلاص، وحينما تسألهم كيف تقولون هذا وعلى أى أساس بنيتم وجهة نظركم يقولون لك إن حمدين نزل إلى الميدان اعتراضاً على نتيجة الانتخابات حينما أيقن أنه خارج جولة الإعادة، ولأن معظم الناس لا تتابع الأحداث كلها انتشر هذا الزعم المشبوه، فى حين أن فكرة النزول إلى الميدان كانت من أجل ضمان عدم تزوير الانتخابات، وأن كل مرشحى الرئاسة نزلوا إلى الميدان بما فيهم محمد مرسى وعبدالمنعم أبوالفتوح، فإذا كان نزول الميدان «عيب» فلماذا لا يلام كل من محمد مرسى وأبوالفتوح عليه؟
ولعل أكبر الضربات التى خطط لها الإخوان ومن عاونهم من «حزب الليمونة» هى تلك التى أرادوا بها أن يشوهوا كلا من البرادعى وحمدين لاشتراكهم فى جبهة الإنقاذ، وأرادوا بها ضرب هذين الرمزين «تحت الحزام» لإبعاد ثوار الميدان عنهما ليتم الاستفراد بهما ثم الاستفراد بالثوار كل فى وقته، وكل ذنبهما أنهما تحالفا مع «الوفد» الذى كان أحد أهم أعضاء «التحالف الديمقراطى» الذى كان يضمن الإخوان قبيل انتخابات البرلمان السابقة، وكذلك عمرو موسى الذى أتى به الإخوان فى الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، وأود أن أسأل هؤلاء وهؤلاء: ألا تشعرون بوخز الضمير وأنتم تقولون هذه الافتراءات؟ أتنامون مستريحين بالليل وأنتم تبنون مجدكم على الكذب الصراح؟ كيف تنظرون فى عين أتباعكم وأنتم تعلمون أنكم تكذبون؟ وأعود لأقول: «لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لـمكتب الإرشاد».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة