يمكنك أن تهرب من الجو العام الذى تعيشه مصر حاليا، إلى «الجو العام» الذى عاشه الكاتب والشاعر والصديق إبراهيم داود فى القاهرة، منذ أن غادر بلده بركة السبع بالمنوفية فى النصف الثانى من ثمانينيات القرن الماضى.
كتاب «الجو العام» الذى كتبه إبراهيم داود، فمنحه جائزة ساويرس الأدبية كأفضل مجموعة لعام 2012، ترى فيه لغة «الشاعر» الذى أعطى لنفسه إجازة من كتابة الشعر الذى يجيده إلى لغة النثر التى تحب أن تقرأها، لغة تنقلك إلى حالة النفس البشرية حين تصعد وحين تهبط، حين تكذب وحين تصدق، حين تدعى فيصدقها الآخرون، وحين تتعرى فيكتشفها الآخرون أنفسهم، وفى الإجمال تتأكد أنه يكتب عن بشر تقابلهم أنت فلا تلتفت إليهم، لكنه توقف أمامهم بموهبته، وحولهم إلى حكايات تحب أن تقرأها، لتجد فيها سيرا ذاتية، مختصرة المساحة، لكنها شديدة الإقناع والجمال.
قد يكون ليس صعبا أن تكتب سيرة شخصية مشهورة، واسمها كفيل بترويجها، لكن أن تكتب عن بشر اعتدت رؤيتهم فى وسط البلد، وهى المساحة الجغرافية التى يلتقط منها إبراهيم معظم شخصيات «الجو العام»، فهذا يعنى أنك أمام كاتب مثل الجواهرجى، الذى يحول ذهبا خاما إلى بضاعة تخطف نظرك لجمالها.
فى «الجو العام» تعرف «فهمى»، مدرس الموسيقى العائد من الغربة بعد عشر سنوات، فيحن لذكرياته القديمة، ويبحث عن أصدقائه القدامى فلم يجدهم، فتكون «البيرة» فى محل «بيرة ستلا»، هو ونيسه أثناء بكائه على نفسه وزمنه، وتعرف «يحيى» مدرس الفلسفة، ابن التنظيمات السرية اليسارية فى سبعينيات القرن الماضى، الذى سافر إلى ليبيا بهدف بناء بيت فى قريته، ولما عاد أصبح شخصا آخر يجد راحته فى صحبة «آل البيت»، والتجول فى الموالد، ولما انتهت «فلوس» ليبيا التى احتفظ بها فى حقيبته ملفوفة بالورق، أصبح ينام نهارا فى سيدنا الحسين والسيدة نفيسة ويسهر الليل بطوله، ويغسل ملابسه فى حمام حديقة الخالدين العمومى.
فى «الجو العام» تعرف «رفقى» منتج المسلسلات بفضل عشر بلاطات حشيش جلبها، ولم يدفع ثمنها، وتعرف «حسين» الريفى المثقف الواسع والمعد التليفزيونى والناقد، لكن كل ذلك لم يؤهله إلى الارتباط بـ«أمينة» رغم علاقة الحب، وحين تقدم إليها اكتشف من يراقبه كظله، وكان والدها هو الذى يدفع بمن يراقبه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة