فى مسألة الرئيس المنتخب وشرعيته وتعريف مفهوم الشرعية ومتى تتآكل وتضمر؟، أو كيف تسقط؟ قيل الكثير من الكلام، ومن خطأ الحديث أن تحدّث قوما بلغة لا يفهمونها وإن فهموها لا يقتنعون بها، وإن اقتنعوا فهم لن يؤمنوا بها لأنهم لا يؤمنون أصلاً بأصحابها، ولأن خير الكلام ما قل ودل، وما جاء من بطن الكتب التى تؤمن بها جماعة الإخوان ومن قبلهم الرئيس محمد مرسى، فلا شىء أفضل من الاستعانة بالتراث الفكرى للإمام حسن البنا لكى نفهم منه رؤية مؤسس جماعة الإخوان المسلمين لمسألة الرئاسة وعلاقة الحاكم بالمواطنين ومتى تنتفى تلك العلاقة؟ وتسقط شرعية الحاكم ويجب على الناس التحرك لعزله.
فى ورقته الخاصة بالنظام السياسى فى الإسلام يقول البنا: (رئيس الدولة عليه واجبات وله حقوق، وهذه الواجبات يجب أن يقوم بها، ويقدم حساباً للأمة بذلك، فإن أحسن فى ذلك أعانته، وإن أساء قوّمته وأمرته ونهته، وهذا منهج الخلفاء الراشدين فى الحكم، أبى بكر وعمر وعثمان وعلى وغيرهم من الحكام العادلين من المسلمين كعمر بن عبدالعزيز رحمه الله). التركيز مع كلام الإمام البنا يدفعك للتعجب من حالة الدكتور مرسى وإصرار قيادات الإخوان على تصوير كل نقد للرئيس ولأدائه الرئاسى كجزء من مؤامرة كبرى على المشروع الإسلامى ككل، ووصف معارضيه بالعملاء وأعداء الدين.
البنا فى نفس السياق الرئاسى يقول: (إن تولى رئيس الدولة يكون بموجب عقد يتم بين الأمة وبين الحاكم، وهذا العقد ليس كعقد البيع، لأن العلاقة بين المبايعين تنتهى بمجرد العقد والتقابض، وإنما هو عقد وكالة مقيدة بشروط، وهذه الشروط مفادها قيام رئيس الدولة بواجباته من تدبير شؤون الأمة الداخلية والخارجية وتحقيق مصالح المسلمين ودرء المفاسد عنهم فى أموالهم ودمائهم وأعراضهم. ورأس الأمر تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية فى جميع نواحى الحياة، وفى مقابل ذلك وجب على الأمة أن تطيعه وتساعده وتنصره، فالأمة كما ترى موكّلة ورئيس الدولة وكيل عنها، فإذا أحسن رئيس الدولة وكالته وقام بكل ما وكل إليه وأجاد فى ذلك فيبقى رئيساً للدولة تدعمه وتساعده وتنصره وتطيعه، وإن قصّر فى وكالته ولم يحقق مصالح الأمة فلها أن تعزله وتوكل غيره، لأنها هى صاحبة الحق، وقد استدل على مسؤولية الحاكم بين يدى الله، وبين يدى الناس، وأنه أجيرٌ لهم وعامل لديهم بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وبقول أبى بكر الصديق: «أيها الناس كنت أحترف لعيالى فأكتسب قوتهم، فأنا الآن أحترفُ لكم، فافرضوا لى من بيت مالكم». وهذا تعاهد بين الأمة والحاكم على رعاية المصالح العامة، فإن أحسن فله أجره، وإن أساء فعليه عقابه).
هذه تعاليم البنا التى لا ينفذها الإخوان والتى يهدرونها ويشوهونها بالحديث عن كون الرئيس منتخباً وكأنه ملك ناصية الناس حتى نهاية فترته الرئاسية حتى ولو ارتكب من الأخطاء ما يدفع المصريين للاقتتال وإسالة الدماء فى الشوارع، حسن البنا قال إن الرئيس الذى لا ينفذ وعوده ولا يدرء المفاسد عن المواطنين فى أموالهم ودمائهم وأعراضهم وجب عزله وتعيين غيره ومرسى قتل فى عهده الكثير ولم ينفذ وعوده، وتم انتهاك عرض الفتيات تحت بصر كاميرات قصره الرئاسى بحجة الدفاع عنه ولم يتحرك ليحميهن، الإمام البنا يحمّل الحاكم مسؤولية رعيته ومرسى يرفض تحمل مسؤولية دماء أطفال أسيوط وجنود الحدود وجيكا والجندى وكريستى وباقى شباب المعارضة وشباب الإخوان الذين قتلوا بسبب فتنة تأييده.
هذه تعاليم البنا ورؤيته لشرعية الدكتور محمد مرسى، طبق شروط البنا التى وضعها بخصوص عزل الحاكم وستعرف أن مصير الدكتور محمد مرسى لن يخلف أبدا عن ذلك المصير الذى تنادى به هتافات الشباب فى الشارع الذى يراهم قيادات الإخوان بلطجية ومحرضين ومتآمرين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة