خالتك سلمية.. مصطلح أطلقه شباب الثورة فى لحظات إحباط مؤقتة تصيبهم كلما أحسوا بابتعاد تحقيق أهداف ثورة 25 يناير المجيدة، وبعد أن انقض الإخوان المسلمون على الثورة بـ«صندوق السكر والزيت» ثم انقضوا مع حلفائهم الإرهابيين الذين قتلوا «السادات» بعنفهم على شباب الثورة فى الاتحادية؛ فحرقوا خيام المعتصمين وأطلقوا خرطوشهم ورصاصهم الحى على شباب الثورة فقتلوهم، ثم حاصروا بعنفهم المحكمة الدستورية العليا ومنعوا قضاتها قهرا وعدوانا من نظر قضية دستورية تخص الطعن فى مجلس شورى معيب من أساسه، ثم انقضوا بعنفهم على مدينة الإنتاج الإعلامى معتدين على إعلام الأمة وهم ينحرون الإبل ويذبحون العجول والخرفان والماعز وفاء بنذرهم لسرقة الثورة، ثم ازداد عنفهم بعد توجيهات السيد الرئيس «الشرعى بالصندوق» لوزير داخليته بـ«الحسم» مع المتظاهرين السلميين، فكان «حسمهم» هو سحل المواطنين عرايا أمام نوافذ «القصر» التى قد يكون السيد الرئيس «الشرعى بالصندوق» واقفا خلف ستائرها يشاهد مواطنيه المسحولين كما كانت «مارى أنطوانيت» تستمتع برؤية مواطنيها يسحلون أمام نوافذ قصر «الباستيل»، وكان كل هذا العنف الذى وجهه الإخوان المسلمون وسلطتهم الفاشلة تتويجا لعنفهم فى قهر الأمة كلها باغتصاب دستورها الذى كانت تنشده، ثم قهر الأمة كلها بإعلان دستورى يغتصب إرادتها ويحصن قرارات الرئيس «الشرعى بالصندوق» وقوانين مجلس شورى مطعون فى وجوده. هذا هو العنف السلطوى الذى واجهه بعض المحبطين وضحايا العنف بعنف مضاد لكنه عنف الفقراء الذى يكون ضحاياه هم الوقود الذى كان ينادى «سلمية..سلمية.. سلمية» وبدأت أصواته تعلوا معلنة موت «خالتك سلمية»، وسط تهليلات وتكبيرات شيوخ الإفتاء الفضائيين بحرمة التظاهرات التى قام بها شباب الثورة، والإفتاء بأن فساد النظام المصرى ودعوة جماهير الأمة إلى رفض ظلمه واستبداده بكل الوسائل السلمية المشروعة بمثابة دعوة صريحة لمواجهة ولاة الأمر، والقول بأن فيها شقا لعصا الناس فى مصر الذين يعيشون تحت ولاية حاكم مسلم متغلب وصاحب شوكة تمكنه من إدارة البلاد، وأيا كان حاله فى نظر الشباب فهو الحاكم الذى يجب السمع والطاعة له فى المعروف، وبالتالى لا يجوز لأحد التظاهر ضده أو المطالبة بعزله، بل يصل الأمر بشيوخ الإفتاء من المتطرفين الذين قتلوا السادات وأفرج عنهم الرئيس الإخوانى بأن يعلو صوتهم الكريه وفتاواهم المجرمة مطالبين بتطبيق «حد الحرابة» على المتظاهرين وبالتالى قطع أيديهم من خلاف ومرددين قولهم الممجوج آلاف المرات على شاشات الفضائيات بأن الرئيس شرعى وجاء بالصندوق. ومع اعترافنا الكامل بأن الرئيس ابن جماعة الإخوان المسلمون هو الرئيس الشرعى بالصندوق بعد عصر كل ليمونة أثمرتها كل أشجار الليمون الموجودة على أرض مصر، لكن لم يقل أحد فى العالم كله بأن «شرعية الصندوق» هى نفسها «شرعية الحكم» التى ذبحها الإخوان المسلمون بقتلهم ممارسة الحكم حسب القواعد الدستورية والقانونية والسياسية المستقرة فى كل نظم الحكم الديمقراطية، لتتحول بممارساتها «شرعية الحكم» إلى «شرعية القصر» التى تغتصب الدستور وتحصن قراراتها المعيبة واضعة لافتة الاستبداد على واجهة قصر الاتحادية، وبذلك تبقى «شرعية الصندوق» وتظهر «شرعية القصر» بكل استبدادها وحضها الشرطة على سحل المواطنين السلميين، وتختفى تماما «شرعية الحكم» وتم تكفين «خالتك سلمية» بكفن قتلة السادات وتحنيطها فى «الصندوق» وهو صندوق الانتخابات بالطبع الذى دفنوا فيه بأنفسهم «خالتك سلمية» ثم راحوا يتباكون على موتها محملين الضحايا سبب موتها. وفى هذا المقام نود أن نلفت النظر إلى معنى «الثورة السلمية» وهو بالطبع عكس معنى «الثورة الدموية»، فالثورة لا يقال لها «سلمية» أو «دموية» إلا بنتائجها، أى أننا لا نستطيع أن نطلق على ثورة «سلمية» أو«دموية» إلا بعد نجاحها التام واستلامها الناجز لسلطة الحكم، وهنا يصبح موقف الثورة صاحبة السلطة من خصومها هو الأساس فى توصيفها، فإذا قتلت خصومها وأسالت دمهم تصبح «ثورة دموية» أما إذا واجهت المفسدين من خصومها بالمحاكمات العادلة ومارست مبدأ المصالحة الوطنية تصبح «ثورة سلمية»، وأوضح مثل عن الثورة الدموية هى الثورة الفرنسية فعندما تم القبض على الملك بعد مظاهرات عنيفة طالبت بخلعه وساقه الثوار مع العائلة الملكية الحاكمة وولى العهد ابنه الطفل لويس السابع عشر إلى سجن «المعبد» وتولت جبهة «الكونفنسيون» محاكمته، حكمت عليه بقطع الرأس ونفذ الحكم فى 21 يناير 1793 فى ساحة الكونكورد بينما أعدمت أنطوانيت فى 16 أكتوبر 1793م، بعد أن اقتيدت بعربة مكشوفة دارت بها فى شوارع باريس حيث رماها المواطنون بالأوساخ وكل ما يقع تحت يدهم، وقصوا شعرها الطويل ثم وضعوا رأسها الصغير فى المكان المخصص فى المقصلة التى أطاحت برأسها عندما كان عمرها 38 سنة وبقى ولى العهد الطفل وحيدا فى السجن ثم مات بعد فترة متأثرا بمرضه، وما يحدث الآن من عنف مضاد من شباب الثورة إنما يحدث دفاعا مشروعا عن النفس لعنف تمارسه سلطة لم تعرف طوال تاريخها إلا تصفية خصومها بالقتل ورحم الله الشهيد «محمد الجندى» والشهيد «الحسينى أبو ضيف» اللذان هتفا «إخوان كاذبون» وغيرهما من شهداء أطهار رحلوا عنا وشهداء من أبنائنا لم يرحلوا لأنهم لم يستشهدوا بعد وينتظرون الاستشهاد دفاعا عن الوطن ودفاعا عن ثورتهم التى يحاول القتلة سرقتها بـ«شرعية صندوق السكر والزيت» وصولا إلى «شرعية القصر» على أشلاء «شرعية الحكم العادل». العنف يا أصحاب السلطة المستبدة سوف يظهر لكم برؤيتكم القاصرة على أن من يقوده هو مجموعة من السياسيين المعارضين فتتهمونهم بذلك وهذا يعكس جهلا فى الرؤية الحقيقية لمصادر العنف حيث تشكل هذه الرؤية الزائفة حاضنة حقيقية يتطور فيها العنف الحقيقى حيث يختفى تحت الأرض فى كهفه السرى حيث يتمدد ويتمدد فى أشكاله وتكويناته الرهيبة الدامية «وأنتم خبراء فى الكهف السرى» لا ليدفن «خالتك سلمية» فى الصندوق ولكن ليدفن الأمان وتقدم الأمة فهل تستطيعون إنقاذ «خالتكم سلمية» قبل اشتعال النار فى الكهف السرى الذى يوشك على أن يختبئ فيه العنف الحقيقى تحت الأرض؟ ويصبح السؤال الأكثر إلحاحا هو «خالتك سلمية فى الصندوق ولا طارت؟».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة