اغتيال المناضل والمعارض اليسارى التونسى البارز شكرى بلعيد أمس على أيدى الإرهابيين والظلاميين الجدد يشير إلى المسار الدموى التى تسير فيه ثورة الياسمين فى تونس ويهدد مصير ومسار ثورات الربيع العربى ويحولها إلى ثورات دموية بعد صعود التيار الإسلامى إلى الحكم وظهور جماعات التكفير والتحريض على قتل وتصفية المعارضة السياسية. اغتيال بلعيد فى تونس ليس بعيدا عن مصر التى تسير على خطى تونس بالسنتيمتر، فالفتاوى باغتيال رموز جبهة الإنقاذ قد صدرت بالفعل وليس مستبعدا بالمرة أن يعاد سيناريو قتل المعارض التونسى فى مصر وهو ما نحذر منه من الآن.
اغتيال شكرى بلعيد لم يكن غريبا فقد تعرض لحملة تهديد وتشويه فى الفترة الأخيرة من قبل الإسلاميين وحزب النهضة الإخوانى لا نظير لها على صفحات الحزب والفيسبوك وامتدت إلى كتابات ورسوم على الجدران ببعض المناطق وارتكزت مثلما يفعل الإخوان فى مصر على اختلاق أكاذيب ومنهجة ترويجها حتّى يصدقها الناس وحدث ذلك مع مناضلين سياسيين ومع رموز معارضين للنهضة خاصة بالتيار الوطنى الديمقراطى الذى شغل بلعيد منصب الأمين العام له.
الأيدى الآثمة والمجرمة التى اغتالت بلعيد الشاب المناضل العنيد الذى لم يتجاوز عمره 49 عاما كانت تعلم علم اليقين أى خطر يمكن أن يمثله الرجل عليهم فى الأيام والسنين القادمة فقد كان من القلائل الذين استبقوا الأحداث ونبه إلى خطر الإسلاميين القادم قبل أن يصلوا إلى السلطة واعترف له الجميع أنه كان على حق بعد أن رأوا ما يحدث الآن منهم. شعبيته كانت تزيد يوما بعد يوم بموافقه ضد الحزب الحاكم ومنذ تولّى الإسلاميين السلطة، إضافة إلى تحركاته ونشاطه المكثف فى أنحاء تونس كلّما تأجج الوضع الاجتماعى، وهو ما تسبب فى انزعاجهم منه وتهديدهم المستمر له.
سيرة نضال بلعيد تتشابه مع العديد من رموز الحركة الوطنية المصرية المعرضين الآن لفتاوى التحريض والقتل، وسبق له أن تعرض لمضايقات وملاحقات من نظام بورقيبة وبن على، ثم من الإسلاميين بعد ذلك، وبرز قبل ذلك كقيادة طلابية جامعية ونقابية خلال عهد النظام السابق حيث كان ناطقا باسم فصيل سياسى طلابى هو الوطنيون الديمقراطيون بالجامعة وتعرض إلى العديد من المضايقات وتم سجنه فى الثمانينيات خلال الهجمة على الجامعة، واستمر نضاله حتى ثورة الياسمين واعتقل قبلها بيومين تقريبا.
بعد اغتيال بلعيد الخوف الآن على كل بلعيد آخر فى مصر وتونس.