السيد الأستاذ الدكتور محمد مرسى رئيس جمهورية مصر العربية الشرعى المنتخب
تحية طيبة وبعد..
ترددت كثيرا قبل أن أقدم على خط سطور تلك الرسالة، بعد أن وجدت المصريين وقد انقسموا إلى جبهتين متناحرتين إحداهما تهاجم الرئيس وسياساته والإخوان من ورائه أو أمامه، والأخرى تستميت فى الدفاع عن كل ما من شأنه المساس بتلك السياسات والتصرفات والتصريحات وكأنها وحيا إلهيا أو آيات قرآنية لا يجوز نقدها أو حتى التفكير فى إبداء الرأى فيها.
سيدى الرئيس.. لا تتخيل السعادة البالغة التى انتابتنى عندما كشف رئيس المحكمة الدستورية العليا، عن فوزك بمنصب رئيس أكبر دولة عربية وأفريقية وشرق أوسطية وصاحبة الحضارة الأعرق بين حضارات الأرض، لتكون بحق وعن جدارة واستحقاق أول رئيس شرعى ومنتخب بإرادة شعبية خالصة فى تاريخ المصريين.
رئيسنا الشرعى.. أتلمس جديا كل الصعاب التى تواجهها والمشاق التى تتحملها، وكلى ثقة فى رغبتك الصادقة فى الإصلاح والارتقاء بشأن مصر والمصريين على كل المناحى والأصعدة، وكنت ولا أزال من أشد المدافعين عن شرعية وجودك فى سدة الحكم، ومهاجما شرسا لكل من يحاول الانتقاص أو التعدى على تلك الشرعية.
ولكن.. ومنذ توليكم السلطة وقعت عدة أمور واتخذتم عدة قرارات وأصدرتم عدة تصريحات شلت تفكيرى وجعلتنى غير قادر على تفسيرها أو فهمها.
عندما أسترجع مقابلاتك التليفزيونية وتصريحاتك الصحفية أثناء جولة الرئاسة الانتخابية، وقفت أمام عدة نقاط رئيسية كنت قد وعدت بتنفيذها ولكنى لم ألمسها على أرض الواقع بعد دخولك القصر الرئاسى.
أولا: أعلنتم أنكم بمجرد توليكم السلطة ستقومون بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور لتشمل كل الأطياف وحتى تفرز الجمعية دستورا توافقيا يكون محل ترحيب كافة طوائف الشعب، ثم فوجئنا بإعلانك الدستورى الذى حصن الجمعية التأسيسية وتشكيلها من أى طعن يطالها.
ثانيا: أكدتم على احترامكم الكامل لأحكام القضاء ثم فوجئنا بهجومكم اللاذع على حكم حل مجلس الشعب، بل ووصل الأمر إلى إصداركم قرارا مثل صدمة للجميع بعودة البرلمان المنحل بأمر المحكمة للانعقاد فى سابقة تعد الأولى من نوعها، ثم جاءت الصدمة الثانية عندما وجدنا تراخيا يشابه المتعمد فى الدفاع عن المحكمة الدستورية العليا عندما تم محاصرتها ومنع قضاتها من الدخول لممارسة أعمالهم، والثالثة جاءت بقرار تعيين نائب عام جديد بديلا للمستشار عبد المجيد محمود، وهنا أحب التنويه إلى أن الجميع لم يشر من قريب أو بعيد إلى اعتراضه على عزل النائب العام عبد المجيد محمود لأنه مطلب ثورى وشعبى وجماهيرى لا يختلف عليه اثنان، وإنما جاء الاختلاف من طريقة عزله وتعيين آخر دون الرجوع للجهة المنوط بها ذلك والمتمثلة فى مجلس القضاء الأعلى.
ثالثا: كررتم وشددتم على احترامكم وحرصكم على حرية الصحافة والإعلام، وعلى الرغم من اختلافنا مع كثير من الإعلاميين والصحفيين فى تعاطيهم مع الأحداث، واستغلال بعضهم منابرهم الإعلامية لتحقيق مصالح خاصة، وان كانوا مجرد ناقلين لحدث وقع بالفعل أو حديث مثير للجدل لأحد قيادات الجماعة تم التصريح به فعليا، إلا أننا لم نفهم موقف رأس السلطة التنفيذية الممثلة فى شخصكم من حصار البعض لمدينة الإنتاج الإعلامى، ومنع الإعلاميين من الدخول لاستديوهاتهم لممارسة رسالتهم، بل ووصل الحد إلى قيام بعضهم إلى الاعتداء على بعض الصحفيين والإعلاميين على أبواب المدينة، وقع كل هذا سيدى الرئيس دون أن تحركوا ساكنا، وكأن ما يجرى يحدث بمباركتكم وبموافقة من جانبكم.
رابعا: وعدتم بتشكيل حكومة توافق وطنى تضم كل القوى السياسية والحزبية، لكننا فوجئنا بوجود قيادات إخوانية أو موالية للإخوان أو من المتوافقة مع فكر الإخوان على رؤوس الوزارات.
خامسا: شجبتم ونددتم بتعامل داخلية مبارك مع الشعب والمواطنين وأعلنتم تكرارا أنكم أكثر من عانيتم من ظلم الشرطة طوال عقود طويلة، لكننا نفاجأ كل ساعة بواقعة مشينة جديدة تصدمنا فى واقع الداخلية الجديدة، وإن كنا نرفض تماما كل حالات الخروج عن الشرعية أثناء التظاهر، ونستنكر كل ما من شأنه المساس بأمن المواطن والمنشآت والممتلكات من جانب المتظاهرين المندفعين المتحمسين، إلا أننا فى نفس الوقت لا نستطع تبرير مشاهد العنف والسحل التى تنقلها بشكل مباشر وعلنى شاشات الفضائيات.
وهناك سادس وسابع وثامن.. ولن تسع الرسالة لسرد كل المفارقات التى عجز عقلى عن تفسيرها أو تبريرها أو الرد عليها، لأنى أعى جيدا ضيق وقتك الحساس وانشغالك البالغ فى هموم العباد والبلاد.
وهنا أود أن أقول لك باختصار وإيجاز.. سيدى الرئيس مرت 7 شهور وأنتم على رأس السلطة فى البلاد وأنا أرى أن حال البلاد يسير من السىء للأسوأ.. ماذا لو راجعتم موقفكم بشىء من الهدوء وقررتم الاستماع لصوت الشارع – فقط الشارع – الشارع الذى يقف – حتى الآن – فى وجه كل من يحاول الانتقاص من شرعيتك، الشارع سيدى الرئيس يناشدك أن تقيل حكومة "التبريرات" حكومة الدكتور هشام قنديل التى أثبتت للقاصى والدانى فشلها فى معالجة المشكلات التى تواجهها البلاد، وأن تعمل على تشكيل حكومة توافق وطنى للرقابة على انتخابات البرلمان حتى تفوت الفرصة على المتربصين والمشككين فى كل تصرفاتك السابقة واللاحقة، وأن تعيد قضية ترشيح النائب العام لمجلس القضاء الأعلى، وأن تفتح تحقيقا جادا فى قضايا الشهداء الذين سقطوا أثناء توليك السلطة، وأن تعلى سلطة الدولة على سلطة الجماعة، والأهم من كل ذلك أن تتبرأ فوريا من كل التصريحات العدائية التى تتردد على السنة قيادات الجماعة، وأن تغسل يد مؤسسة الرئاسة من كل من يتحدث باسمها باعتبارها جزءا من المؤسسة التى تأتمر بأمر مكتب الإرشاد.
سيدى الرئيس.. إذا بدأت فعليا فى التنفيذ الفعلى لتلك الطلبات تكون بالفعل قد أعطيت كل المدافعين عن شرعيتك سلاحا قويا يستطيعون به الوقوف بكل قوة فى وجه كل من يحاول الانتقاص منها أو الانقضاض عليها.