بعد حكم محكمة القضاء الإدارى بوقف الانتخابات البرلمانية واتساع نطاق العنف والتمرد فى البلاد نقول إن الأمر يحتاج حلولاً غير تقليدية لإنقاذ مصر من دوامة الفوضى والتى يسعى أعداء الثورة إلى إغراق البلاد فيها وقد وجدوا للأسف فى تعطيل الانتخابات البرلمانية ضالتهم خاصة أنهم يوقنون تماماً أن الانتخابات هى المعركة الأخيرة والفاصلة مع فلول النظام البائد، وهو ما كان يتطلب تكاتف جميع القوى الثورية والإسلامية لإتمامها مبكراً لمواجهة وسحق قوى الاستبداد السابق، فنحن أمام استحقاق انتخابى ودستورى لا يمكن إغفاله، فضلاً عن أن مقاطعته تعتبر انتحارًا سياسيًّا؛ ولعل توقف الانتخابات تدفع الجميع للمشاركة، حتى تخرج نتائج الانتخابات معبرة عن رُوح المصريين.
وأعتقد أن الحضور الجماهيرى المكثف هو أكبر ضمانة لنزاهة وشفافية الانتخابات؛ ولنكن صرحاء أكثر حينما نقول إن المشاركة فى انتخابات البرلمان القادمة ضرورة ملحة؛ لترسيخ التجربة الديمقراطية، وتداول السلطة، سواء اختلفنا أو اتفقنا مع الرئيس، ونعتقد أنه لا عذر لأحد ممن يدعى الوطنية والمسؤولية السياسية فى مقاطعة الانتخابات تحت زعم عدم النزاهة والشفافية، خاصة فى ظل تأمين القوات المسلحة للانتخابات بعد منحها الضبطية القضائية، فى ظل إشراف قضائى كامل، والسماح للمنظمات المحلية ودولية بمراقبة الانتخابات، بالإضافة للتأكيد على فرز النتائج فى اللجان الفرعية، وفى وجود وسائل الإعلام ومندوبى المرشحين؛ ضمانًا للنزاهة، ومنح المرشحين صورة من النتائج.
الغريب حقًّا هو الدعوات المغرِضة التى سادت -خلال الأيام الماضية- لتسليم الجيش مقاليد السلطة وإدارة البلاد، وهى -بلاشك- دعاوى مغرِضة، تريد توريط العسكريين فى المشهد السياسى الملبد بالعنف والاحتقان؛ ليكون الجيش فى مواجهة الشعب، وأعتقد أن الجيش أوعى وأذكى من كل الدعوات، فهو حريص على أن يقوم بمهمته الأساسية فى: حفظ الحدود، وتأمين البلاد، وعدم الانغماس فى السياسة، وأن يكون حاميًا للثورة، وليس موجَّهًا، وهو أمر يدركه الجميع منذ اندلاع ثورة 25 يناير.
للأسف، إن كراهية البعض للإخوان المسلمين، ولتولى الرئيس مرسى ذى التوجه الإسلامى مقاليد الحكم فى البلاد أعمت أعينهم، فما عادوا يرَوْنَ مصالح البلاد والعباد، بل انقلبوا على الثورة، وأصبحوا ثورة مضادة –وهو ما يجعلنا نهتف قائلين (ربَّنا لا تُزِغْ قُلوبَنا بعدَ إذْ هَدَيتَنا وَهَبْ لنا مِن لَدُنكَ رَحْمةً إِنَّكَ أنتَ الوَهَّابُ).