تنسحب الأيام من بين أيدينا ونتجه دون استعداد إلى يوم 12 إبريل وسط توقعات وواقع يخبرنا بأننا ربما نسمع قرار براءة مبارك بنفس الأذن التى سمعت خطاب التنحى الشهير وفرحت وهللت بالخلاص من حكم رجل ظن وكان أغلب ظنه إثما، أنه باق فى الحكم طالما فى قلبه نبض.
ولأن الدولة التى فشلت فى التعامل مع تبعات حكم قضية بورسعيد، بالتأكيد لا تملك خطة واضحة للتعامل مع 12 إبريل، ونتائج الحكم على مبارك، كان لابد أن تعود إلى حيث البدايات لنكتشف معا حجم الكارثة التى تنتظر مصر صباح 12 إبريل.
فى البداية وعد محمد مرسى قبل أن يجلس على كرسى الرئيس جموع الشعب المصرى بإعادة محاكمة مبارك، وكعادته التى أدركناها بعد مرور الوقت وبعد أن أصبح رئيسا.. أخلف محمد مرسى وعده، وأغلب الوعود التى قطعها على نفسه خلال فترة الدعاية الانتخابية وأيام حكمه الأولى.
وعد مرسى بإعادة محاكمة مبارك كان وعدا توريطيا أراد من ورائه مداعبة المشاعر الثورية لدى شباب مصر من أجل الحصول على دعمهم فى الصندوق، ولكنه يحمل فى طياته الكثير من الدلالة على سذاجة صاحبه وحداثة عهده السياسى والفكرى لأمرين لهما بكل تأكيد ثالث.
1 - وعد الدكتور مرسى يحمل فى طياته إقرارا صريحا من رجل أقسم على حماية الحدود بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بأنه يسعى للتغول والتدخل فى شؤون القضاء من أجل إرضاء الشارع.
2 - الوعد الرئاسى الخاصة بإعادة محاكمة مبارك يحمل تشكيكا واضحا فى نزاهة المحكمة والقضاء المصرى الذى تصدى لنظر هذه القضية، وهو تشكيك لو أمكن تعميمه سيعنى بالضرورة أن شرعية مرسى الانتخابية التى حصل عليها عبر انتخابات أشرف عليها القضاء هى الأخرى محل شك.
3 - الأمر الثالث فى وعد إعادة محاكمة مبارك الذى أطلقه مرسى يعنى إعلان السلطة التنفيذية وعلى رأسها محمد مرسى الالتزام الكامل بتوفير الأجواء المناسبة لمحاكمة طبيعية وعادلة، وإجبار كل الأجهزة الأمنية والمخابراتية بتوفير كل الأدلة الخاصة بالقضية محل النظر لجهات التحقيق القضائية، حتى لا تنتهى القضية مثلما انتهت من قبل فى صورة ضبابية غير مقنعة تحت شعار عدم وجود أدلة كافية.
ثلاث كوارث فى قرار واحد.. تلك هى عظمة الدكتور محمد مرسى لا يخطب ولا يقرر ولا يصرح إلا بأشياء محملة بكوارث سياسية أو اجتماعية تحمّله هو شخصيا ما لا طاقة له به، مثلما هو حاله الآن بعد أن قبلت المحكمة طعون مبارك والعادلى على الأحكام التى صدرت بحقهم فى 2 يونيو 2012 بالسجن المؤبد بتهمة قتل المتظاهرين.
محمد مرسى الآن فى مأزق حقيقى، ليس فقط لأن القضاء المصرى حقق له وعدا أطلقه على سبيل «الوعود الانتخابية» ولا لأننا نقترب من يوم الحكم بسرعة، ولكن لأنه أصبح ملزما أمام الجميع بفضل وعوده المسجلة بالصوت والصورة فى اللقاءات التليفزيونية وخطبه المرتجلة بأن يقدم للناس عقابا أكبر مما حصل عليه مبارك والعادلى فى المرة السابقة، والأهم من كل ذلك أن محمد مرسى سيصبح المتهم الأول بإهدار القصاص لشهداء ثورة 25 يناير إذا لم ينجح هو والسلطة التنفيذية التى يجلس على رأسها بتوفير كل الأدلة التى تضمن إدانة قوية لمبارك والعادلى، ويبدو مأزق مرسى أكبر من إمكانياته إذا وضعت فى الاعتبار أمرين لا ثالث لهما فى هذه المرة.. نستكمل الحديث عنهما غدا لوضع معالم الطريق إلى 12 إبريل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة