منذ أن ابتلانا الله بالحكم الإخوانى المقيت؛ نتجرع الكذبة بعد الكذبة، حتى صارت حياتنا أشبه بفسيفساء الكذب، هذا كذب منفى، وهذا كذب مؤكد، وهذا كذب خالص، وهذا كذب حتى إشعار آخر، الغريب فى الأمر ليس أن الإخوان يكذبون كالعادة، لكن هو أنهم يتعجبون ويندهشون عندما يجدوننا غير مصدقين كذبهم، وهو ما ذكرنى بهذا «الناصح» الذى حاول أن يضلل «النمل» بأن يكتب على علبة «السكر» كلمة «ملح» حتى يخدع النمل ولا يسكن فى علبة السكر، ثم اندهش واستغرب حينما رأى النمل يدخل ويخرج من علبة السكر دون أن يلتفت إلى الكلمة «المضروبة» كحكم الإخوان «المضروب».
أشهر الكذبات التى يتداولها الإخوان وأقبحها هى تلك التى تدعى أن «مرسى رئيس لكل المصريين» وهى الكذبة التى يصدقها مرسى نفسه ويكررها نهارا وليلا، أتخيل أنه يكررها قبل كل لقاء تليفزيونى، ويستيقظ من نومه قبل الفجر ليذكر نفسه بها، ويقف أمام المرآة قائلا: «أنا مش رئيس للمصريين أنا رئيس لكل المصريين» ثم يكرر «أنا مش رئيس للمصريين أنا رئيس لكل المصريين» لكن سرعان ما تكذب أفعاله أقواله، ويبقى هو وحده عاريا من الحجة، عاجزا عن الحركة، إذ تأتى صيحة «نائب المرشد» خيرت الشاطر، ككابوس يضج مضجعه، «ماتنساش نفسك.. إحنا صرفنا عليك دم قلبنا عشان تبقى فى المكان ده» وبعد فقرة تمثيلية باهتة، يعود مرسى إلى عهده، طائعا، هادئا، ولسان حاله يقول «صحيح أنا بقول أنى رئيس لكل المصريين.. لكن الحقيقة أنى رئيس للإخوان المسلمين».
الأمثلة التى تدلل على هذا الأمر كثيرة وأكبر من أن تحصى، آخرها، ما فعلته «الرئاسة» من جرم تاريخى إذ نسيت نفسها وطعنت على حكم وقف انتخابات مجلس الشعب، وبذلك دخلت «الرئاسة» كطرف أصيل فى الصراع السياسى والقضائى، مستغلة ثقلها وسلطاتها وصلاحياتها فى الضغط على الناعم على القضاء، وفرق كبير بين أن يحكم قاض على مشروع قانون تقدم به «حزب» وأن يحكم على مشروع قانون تدعمه الرئاسة وتختصم من أوقف العمل له، وكان من المفترض أن يقوم الحزب الحاكم، أو حتى مجلس الشورى بهذا الطعن، ليظل الأمر سجالا بين أطراف سياسية، لا معركة بين مؤسستين من مؤسسات الدولة يفترض فيهما الاستقلال وعدم التعارض، وكان من المفترض أيضا أن تنأى «الرئاسة» - التى هى ليست بـ«رئاسة» - عن هذا الصراع، إذا كان مرسى فعلا رئيسا لكل المصريين، لكن للأسف، ليس الأمر أمره، والإنسان كما قال محمود عبدالعزيز «دعييف».
استمع لمرسى جيدا، وقبل أن تستمع إليه حاول أن تلقى نظرة على تعليقات لجان الإخوان على المواقع الإلكترونية والفيس بوك، لتعرف من أى منبع تخرج لنا تصريحات سيادة «رئيس لكل المصريين» وانظر مثلا تبريراته لجرائم حزبه وجماعته فى حواره مع عمرو الليثى لتعرف أن نسخة من المنشور الذى يخرج من مكتب الإرشاد إلى لجانها الإلكترونية يصل إلى قصر الرئاسة المنيف مع «مخصوص» لتتهاوى تلك الأكذوبة الممجوجة البكماء التى تدعى أن مرسى «رئيسا لكل المصريين» ولتعرف أنه ليس إلا فرعا للجماعة فى مؤسسة الرئاسة، كتب على صدره أحد الناصحين – يقال أنه خيرت الشاطر – رئيس لكل المصريين، تماما كما كتب الناصح الأشهر على علبة السكر «ملح».
وائل السمرى
يكتبون على صدر مرسى «رئيسا لكل المصريين» فهل النمل أذكى منا؟
الخميس، 14 مارس 2013 12:03 م