السيد محمد بديع مرشد الإخوان المسلمين كان منذ أيام يتناول غداءه مع أسرته فى سيتى ستارز المول الشهير، إذاً السيد بديع رجل يحب الحياة ويرى فيها مباهج تستحق عناء الخروج من البيت لسبب غير اجتماعات الجماعة، أو لقاءات المساجد أو غيرها وهو شىء جيد بالفعل ولهذا أطالبه وأدعوه أن يذهب إلى نفس المول ثانية ويصطحب معه رؤوس الجماعة وبعض رؤوس السلفيين إن أمكن ولكن ليس لوجبة فى مطعم هذه المرة ولكن لوجبة للروح فى دار عرض لمشاهدة فيلم سينمائى يعرض فى نفس المول، وأنا على أتم استعداد «بحق وحقيقى أن أدفع لكم ثمن التذاكر بمعنى أن العزومة عليا»، فلن تتكلف أيها المرشد ولا أحد من مرافقيك مليما ولكنك ستستمتع وتتعلم ثم ربما تكون قادراً على أن تعلم غيرك ما سيعلمه هذا الفيلم لك.
أما الفيلم الذى أدعو المرشد وجماعته لمشاهدته فهو فيلم «حياة باى»
وهو فيلم حائز على أوسكار أفضل إخراج وتصوير ومؤثرات بصرية وموسيقى، وهو بالمناسبة فيلم لكل أفراد الأسرة ليس فيه مشهد واحد خادش أو خارج، وأما السبب الرئيسى للدعوة أن حياة باى فيلم يدعو لله وللإيمان ولكن ليس كأى دعوة، حياة باى فيلم دينى من الطراز الرفيع الذى يعلم البشر كيف يكون الإيمان والتسامح والعبادة.
وما أحوجنا فى هذا الزمن وفى ذلك البلد أن يشاهد مرشد من يحكموننا والذين يرفعون شعار الشريعة هى الحل أن يتعلموا معنى العبادة والإيمان حتى لو أتت رسائله من آخر الدنيا من كاتب فرنسى كندى هو يان مارتل صاحب الرواية ومخرج من تايوان يعيش أحيانا فى أمريكا وهو أنج لى ويصنع فيلماً عن فتى هندى.
ولنبدأ الحكاية منذ البداية فيلم حياة باى يحكى عن كاتب فرنسى كندى لا يؤمن بوجود الله يقرر أن يذهب إلى الهند ليكتب رواية وهناك يلتقى برجل هندى حكيم يدله على شاب هندى يعيش فى كندا يستطيع أن يحكى له حكاية تصلح أولا كرواية ثم والأهم أنها قادرة على أن تعلم الكاتب الإيمان بالله.
وبالفعل يتجه الكاتب إلى كندا ليلتقى باى الشاب الهندى الذى ولد وعاش بين أبوين يملكان حديقة حيوان فى الهند ولديه أخ واحد، وكانت الأم هندوسية أما الأب فلم يكن يؤمن بوجود الله، أما باى بطل الفيلم الهندوسى بالمولد فهو مسيحى أيضاً وكذلك مسلم يصلى، فهو قد رأى أن الدين واحد وإن تعددت الأسماء وأشكال العبادة فيقول البطل «الأديان طوابق متعددة داخل بناية واحدة» فى مقابل أب يقول له إن الدين ظلام وإن البشرية فهمت بالعلم فى سنين قليلة ما لم يستطع الدين أن يشرحه عبر قرون.
ويضطر الأب لبيع حديقة الحيوان ويسافر مع أسرته والحيوانات على مركب شحن فرنسية متجهاً إلى كندا ليبيع الحيوانات بسعر كبير ويعيش وأسرته بعيدا عن المشاكل التى تواجه الهند، وتقوم عاصفة كبيرة يغرق على أثرها المركب وكل من فيه عدا الفتى باى ونمر بنغالى.
وتستمر رحلة الفتى فى المحيط الهندى 227 يوماً ليواجه أهوال البحر ومعه النمر المفترس الذى توافق على الحياة معه والأهم أن معه الله الذى كان يراه ويحدثه وأحيانا يشعر بأنه تركه لحاله ثم يعود سريعا ليكتشف أنه يراسله بأحداث بعينها.
قد ينظر البعض لرحلة الفتى ونجاته على أنها مغامرات بحرية أو حكاية نجاة مسلية ولكن الفيلم كما الرواية يعطينا الخيارين إما أن تراها مغامرة عجيبة أو تراها حكاية إيمان وسمو وتواصل مع الخالق الذى لا يغيب أبداً.
الفيلم بدأ بكاتب متشكك فى الإيمان بالله وانتهى به متيقناً بل مختاراً للإيمان، استخدم المخرج الصورة وتكنولوجيا البصريات والموسيقى كأجمل ما يكون الاستخدام ووظفهم جميعاً لكى يخدموا فكرة الفيلم فالبطل وحيداً فى ملكوت الله ويتعايش مع كائن آخر مفترس ولكن العلاقة بينهما تستمر لأن كل منهما يرى فى الآخر شيئا جديد فلا الفتى هو صيد للنمر ولا النمر عاد مفترسا يهدد حياة الفتى.
«حياة باى» يصلح أن نقول عنه فيلم صوفى فى حب الله والأهم أنه يعلمنا كيف نحب الله فى خلقه على اختلافهم.
وفى حوار مع مخرج الفيلم لأحد الصحف الأمريكية قال «لست متدينا ولكنى على يقين من أننا جميعا نواجه عدة أسئلة مثل أين نجد الله، ولماذا خلقنا، وأين سنذهب، كل هذه الأسئلة وأكثر أسألها لنفسى كما يسألها غيرى، البعض قد يطلق عليها خيالات وآخرين يقولون إنها الإيمان، فأيا ما كان ما تطلقه عليها فإنها تؤكد أننا مرتبطون بالمجهول».
وعود على بدء، فأنا أدعو كل من يتحدث باسم الدين وعلى رأسهم المرشد أن يذهب لمشاهدة هذا الفيلم عله يتعلم كيف ينشر الناس المختلفون عنهم ومعهم الإيمان بالله.
لا تثق برجل دين أو سياسة لا يسمع الموسيقى ولا الغناء ولا يشاهد السينما أو يقرأ الرواية وأغلب الظن أن كل من يتعاطى السياسة الآن فى مصر والدين منذ زمن لا يعرفون أيا مما ذكرت، لذا فإنى أدعوهم لمشاهدة الفيلم وليتأكدوا أن الشباب لو شاهدهم فى دار العرض لن يصيحوا فى وجوههم يسقط يسقط حكم المرشد كما فعل شاب منذ أيام.
فلا تخف أيها المرشد لجماعتك اذهب وشاهد حياة باى لتتعلم كيف ندعو لله بالحسنى والصورة والموسيقى والتمثيل.