ليست الحيرة فى أن تجد غباء حولك أو جهلا أو حتى بلاهة، لكن الحيرة تأتى حين لا يعترف الغبى بغبائه ولا الجاهل بجهله، أما الأبله، فلا فائدة معه، فى هذه الحالة لايكون أمامك إلا أن تبتعد، لكن ماذا يحدث حين تتم محاصرة الوطن نفسه بكل ذلك، هل تترك الوطن؟ وإذا أتيح ذلك للبعض، فهل يتاح لكل الناس، وهل سمعت عن شعب ترك أرضه وبلاده إلا فى الأساطير القديمة، ويكون السبب فى الغالب وباء لا يبقى على شىء، انظر حولك أيها القارئ.. ولا تحدثنى فى السياسة، فأنا أعرف أن طريق الثورة، أى ثورة، طويل لكن عادة يتم فى كل مرحلة تحقيق شىء ما من أهدافها، يرحل الحكام ومن فازوا بالثورة، سواء كانوا من الثوار أو غيرهم، وغيرهم هى الأرجح عادة، لكن يبقى شىء فعلوه، ودافعوا به عن أنفسهم أمام الثوار الحقيقيين الذين من الصعب إرضاؤهم إلا بالمثل العليا.. وهى لا تتحقق بسرعة أبدا فى أى ثورة، لكن أن يفوز من يتعمد وبسرعة البرق الانقلاب على الثورة، وفى عصر السماوات المفتوحة والإنترنت، فلا تنتظر منه شيئا يقبله العقل، أقول ذلك غير آسف، وإذا أردت أن أستبدله فسأضع مكانه ماهو أبشع، مثل تخريب البلاد عن عمد، لينتهى تاريخ مصرالعظيم، وتتحول إلى إمارة يسمونها إسلامية، تدور فى فلك غيرها من الدول التى يسمونها أيضاً إسلامية وعندها فلوس!! كل شخص يعرف أن أزمة مالية طاحنة تمر بها البلاد التى يستميت حكامها فى الاقتراض، فى الوقت الذى يحاولون فيه التصالح مع رموز النظام السابق الذين أفقروها، ونهبوها، ولم يقدموا شيئا يعتد به، ورغم ذلك ينتقل هؤلاء الحكام فجأة إلى عائلة لها من الاستثمارات الحيوية ما هو أكبر مما للإخوان مجتمعين من استثمارات، والأهم أن استثمارات عائلة ساويرس ليست فى التجارة، لكنها فى البناء والصناعة والتكنولوجيا والطرق وغيرها، مما يقوم عليه أى اقتصاد، أسهل شىء أن تستورد وتبيع، آلاف يمكن أن يفعلوا ذلك، لكن أن يكون لك مصانع ومدن سياحية وشركات اتصالات ومشاريع إسكان جميلة تتسع فيها الشوارع ولاترتفع فيها ناطحات السحاب وقنوات تليفزيونية، وجوار ذلك وغيره نشاط اجتماعى، لا تعلن عنه ونشاط ثقافى لا يفعله غيرك، ثم يأتى أصحاب التجارة والتصدير والاستيراد ويقررون فجأة اتهامك بما ليس فيك لإرهابك، أو طمعا فى شىء مما تملكه، فأنت هنا لاتواجه جماعة تريد بناء الوطن بل تخريبه، ماحدث مع عائلة ساويرس أجمع كل الخبراء القانونيين على أنه تعنت وقصد غير قانونى، فما باعوه عن طريق البورصة باعوه منذ سبع سنوات ووفقا للقانون السائد ذلك الوقت من إعفاء المشاريع التى تباع عن طريق البورصة من الضرائب، لم تكن موجودا يامن تريد محاسبتهم بأثر رجعى وفقا لقانون جديد، ولو كنت موجودا لفعلت مثلهم، على الأقل لأن مثلك الأعلى التجارة شطارة وتسعة أعشار الربح فى التجارة، فضلا عن انتمائك لجماعة تتحدى فى وجودها القانون نفسه منذ عشرات السنين، فلماذا يفعل النظام ذلك؟ القاصى والدانى يعرف أنه بسبب نشاط المهندس نجيب ساويرس السياسى، وكونه مؤسسا لحزب مدنى، هو المصريين الأحرار وكونه أيضاً مؤيدا للأحزاب «المدنية الأخرى»، تم إصدار مذكرة توقيف بشأن اثنين من العائلة قبل أى تحقيق، وقال الجميع إن الاسرة باعت وفقا لثغرة فى القانون القديم تتيح بيع الشركات فى البورصة دون ضرائب، والحقيقة أنهم باعوا وفقا للقانون نفسه وليس وفقا لثغرة فيه، ولو كنت فعلت قانونا جديدا أيها الحاكم، يمنع ذلك، فلا يعنى ذلك أن القديم ليس قانونا، وبعيدا عن هذه الخيبة التى تسببت فى خسارة 12 مليار جنيه للبورصة فى يوم واحد، وفى استنكار عالمى كبير، لأن لأسرة ساويرس وجود اقتصادى فى العالم ينسب لمصر فى النهاية، ندخل فى مصيبة الضبطية القضائية للأفراد التى صارت حديث الجميع، تم التراجع عنها، ونكرانها من قبل النائب العام لكنها مشت فى الطرقات، وتلقفها من ينتظرها، وتم القبض على بعض النشطاء فى المقطم بيد عدد من جماعة الإخوان، وتسليمهم للشرطة، وأعطتهم النيابة حبسا أوليا أربعة أيام قابلة للاستمرار، والأخطر من ذلك تم استعراض القوة من الميليشيات الجهادية وغيرها فى أسيوط، حدث ذلك بعد التراجع، أو الذى قيل إنه تراجع، لكن من كان ينتظر ذلك لم يعد يعنيه أى تراجع ولن يصدقه، فرصة وجاءت إليه.. هو الذى لايرى وطنا غير قطر أوالسعودية أوإسرائيل!! من سيوقف ذلك الآن؟ وحتى لو توقف فكم من الجرائم سترتكب بحق الآخرين لمجرد الاختلاف معهم فكريا وسياسيا، الحقيقة أن الإعلان عن حق الضبطية القضائية للأفراد، لم يحدث إلا بعد أن قال الرئيس فى خطابه الأخير وهو ينصح الناس، عندما تجد شخصا يغلق الطريق بسيارة مثلا إمنعه! قال ذلك بهدوء مالبث أن تحول إلى عاصفة، بعد أن أعلن النائب العام ذلك، وقيل فى التراجع إن هذا قانون قديم من عام 1952، والكل يعرف إنه حتى بدون قانون قديم أو جديد فالناس تفعل ذلك، إذا وجدت أمامها شخصا يسرق أو يقتل مثلا، لكن لاتفعله مع من يتظاهر أو يحتج أو يلبس بدلة، لاحول ولاقوة إلا بالله، لأن هذه ليست جرائم، إنما حق سياسى أصيل كفله الدستور القديم والجديد المنقوص، وبعيدا عن هذا أيضاً، يقول السيد وزير العدل إن تصريحه المبكر جدا بأن الشهيد محمد الجندى مات فى حادثة سيارة، كان بناء على طلب من وزير الداخلية، كيف بالله يأخد وزير العدل معلوماته من وزير الداخلية وشفهيا أيضاً، وما معنى القانون والعدل والقضاء وغير ذلك، كيف لا يرتاب وهو يعرف أن الثورة مشتعلة فى الشوارع والطرقات، أسئلة كثيرة يمكن أن تقولها، وبعيدا عن ذلك يقول أحد من يسمونهم المشايخ، أن السيدة والدته كانت تقيس نسبة السكر فى بول أبيه بلسانها، قلبى مع هذه الأم التى أساء الابن لسمعتها، وهو يتصور أن ذلك عمل من أعمال العظمة، وليست هذه هى المشكلة، فهو حر فى أهله، لكن المشكلة أن مثله يملأ الدنيا بأفكار فى السياسة والفن والحياة، هؤلاء قادة الفكر الآن، بالضبط مثل الشيخ أبوإسماعيل الذى يقول إن يد جبهة الإنقاذ ملوثة بالدم، وهو يرى أمامه كل يوم الاحتجاجات ومن يريق دم الناس فيها وهو يواجهها، هكذا من القضايا الكبرى إلى الموضوعات الصغرى، تجد أعمالا أو كلاما لايعقله عاقل، وإصرارا عليه، طبعا تستطيع أن تجد مئات الأمثلة التى ليس أبعدها قول رئيس الوزراء إن النساء فى بنى سويف تخرج إلى الغيطان فتغتصب، أو أن الإسهال هناك للأطفال بسبب عدم تنظيف الأم لثديها قبل الرضاعة، طيب ماذا ستفعلون مع الكبار حين تطبقون مبدأ رضاعة الكبير، ستنفجر مصر كلها بالإسهال، يرحمنا ويرحمكم الله ويرحم هذا الوطن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة