شوف الفزورة دى..
تركت جماعة الإخوان المسلمين حادث اعتداء أحد رجالها - إن كان يجوز تسميته بذلك - على سيدة مصرية أمام مكتب الإرشاد فى المقطم، وتجاهلت الجماعة تماما اعتداء شبابها أو حراس مقرها على المتظاهرين بالسحل والضرب، والعديد من الحركات الصوتية التى يصنفها المصريون بأنها الأقبح والأحقر فى قوائم «قلة الأدب»، ولغات أهل الشارع، دون أن يتخيلوا يوما أنها موجودة داخل قاموس جماعة، كانت ترفع يوما ما شعار «الإسلام هو الحل».
المهم ياسيدى.. الجماعة تركت كل صنوف «قلة الأدب» التى مارسها شبابها ضد سيدة مصرية، وفتحوا ماكينات التبرير، وعادوا إلى سيرتهم غير العطرة، ورفعوا شعار «وهى إيه اللى وداها هناك ؟!» واستنكر شباب الإخوان وجود مظاهرة صغيرة الحجم أمام مكتب الإرشاد، تستخدم شعارات وهتافات مستفزة، ورسوم جرافيتى تتضمن شتائم للإخوان وللمرشد، ثم زاد الإخوان الشعر بيوتا كثيرة، حينما قالوا إنهم لن يصمتوا بعد الآن أمام أى مظاهرات تستخدم شعارات مستفزة أو مسيئة للجماعة ورموزها، وقالت قيادات الإخوان الشابة: (يعنى ينفع نروح قدام بيوت النشطاء السياسين، ونهتف ضدهم ونكتب ع الأرض ونرسم جرافيتى مستفز، وشعارات ساخنة، ومافيش أسهل من الشتيمة وقلة الأدب، ولو حد منهم اعترض نقول ده حرية شخصية).. وأصحاب هذا القول تحديدا فى حاجة إلى درس سياسى لمعرفة الفروق بين حرمة المنازل الشخصية للشخصيات العامة، وبين المقرات الإدارية والعامة التى تمثل رمزا رسميا، يحق للمواطنين التظاهر أمامه، وقذفه بالطماطم والبيض الفاسد إن أحبوا ذلك!
هذا ملخص الموقف الإخوانى.. ضرب البنات عادى، سحل المتظاهرين عادى، واستخدام الحركات الصوتية القبيحة فى مواجهة البنات المتظاهرات عادى، وكسر أعناق الناس أمر عادى.. والحجة أنهم تجرأوا ورسموا جرافيتى مستفزا، أو استخدموا الشتائم والسخرية فى الهتافات ضد المرشد وجماعته.
طبعا أنت لست فى حاجة للتأكيد على أن الخروج عن النص الأخلاقى والأدبى والعرفى فى المظاهرات أمر غير مقبول ومرفوض، ولكن أنت أيضا فى حاجة إلى إدراك أن شباب الإخوان هم أنفسهم الذين لم يسمع لهم أحد صوتا معترضا من قبل على التظاهرات قليلة الحجم، التى كانت تستخدم أبشع الألفاظ فى الهتاف ضد مبارك، وشباب الإخوان وقيادات الجماعة هم أنفسهم الذين اعتبروا أن اللافتات الساخرة، والهتافات «قليلة الأدب» والجرافيتى المستفز الذى ملأ ميدان التحرير ضد مبارك، وسيلة من وسائل التعبير ضد السلطة، لم يعترضوا فى حينها عليها ولم نسمع أحدا منهم يبذل جهدا فى ترشيدها، أو نصح الناس بعدم استخدامها، الرئيس مرسى نفسه قال فى البرامج التليفزيونية أثناء جولات الدعاية الانتخابية عن رفع المواطنين الأحذية ضد مبارك، واستخدام الهتافات الساخرة واللاذعة، بأنها حق من حقوق التعبير يتناسب مع مقدار غضب الشعب من السلطة.
صدقنى أنا متفهم تماما غضب شباب الجماعة من الشعارات المستفزة التى رفعها المتظاهرون أمام مكتب الإرشاد، لأن الفشل الذى يطارد مرسى حمّل هؤلاء الشباب بهموم لا طاقة لهم بها، ولأن الأكاذيب التى تتكشف أمامهم بسبب ضعف أداء الجماعة وارتباكها، وقلة حيلتها.. تصيبهم بدوخة و«غممان نفس» يفقدهم بوصلة التركيز والقدرة على مواجهة الخصوم.. أنا لست معترضا على اعتراض الإخوان على التظاهر بالجرافيتى الساخر، المتجاوز لبعض حدود الأدب أمام المقر.. أنا معترض أنهم – نفس الشباب والقيادات الإخوانية- كانوا يعتبرون هذا النوع من تجاوز الأدب مع السلطة فى زمن مبارك نوعا من أنواع البطولة، ولم نر يوما امتعاضهم أو تأففهم حينما كان المتظاهرون يشتمون مبارك وأهله فى الميدان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة